لم يزل مكان المجلات العربية في وطننا فارغا، ولم يزل تطلع القراء إليها شديدًا، منذ احتجبت مجلة "الشهاب" وضعف الرجاء في عودتها إلى الظهور، حتى صدرت مجلة "افريقيا الشمالية" فسدت بعض الفراغ، وأنعشت بعض الأمل، وأرتنا مثالًا من تغلب الهمة على الصعوبة، وانتصار العزيمة على القنوط.
وصاحب "افريقيا الشمالية" ولدنا الشيخ اسماعيل العربي من تلاميذ الإمام عبد الحميد ابن باديس، ومن ذلك الشباب الذي جهزته جمعية العلماء قبل الحرب لنشر "الإصلاح" والعربية فيما وراء البحار، وأحد أفراد بعثتها إلى القاهرة، وقد لبث فيها نحوًا من ثمان سنوات ما بين الجامعة الأزهرية، والجامعة الأميريكية إلى أن عاد إلى الوطن منذ سنة، فسمت همته إلى هذا النوع من خدمة الثقافة بوطنه، وهي خدمة جليلة لولا ما يعترضها من الصعوبات، وأصعبها وأشقها الطباعة، فمن النقائص الفاضحة في نهضة العربية بالجزائر فقد المطابع العربية.
والشيخ اسماعيل العربي كفء لهذا العمل إذا وجد المساعدة والتنشيط وذللت أمامه عقبة الطباعة، وهو كاتب ممتاز في العلميات النفسية والأخلاقية.
صدر من المجلة الجزءان الأول والثاني في هيأة لطيفة، وروح أدبية خفيفة، وبداية تدل على أنها سائرة إلى غايات شريفة.
* "البصائر"، العدد ٤٦، السنة الثانية من السلسلة الثانية، ٢٣ أوت ١٩٤٨ (بدون إمضاء).