للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرى بدر بمركز جمعية العلماء *

تقديم: محمد الغسيري

ــ

ذكرني ما كتبه واقتبسه الأستاذ أبو بكر الأغواطي من درس الأستاذ الرَّئِيسُ الشيخ محمد البشير الإبراهيمى، الذي ألقاه بمدينة الأغواط يوم زارها في الأيام الأخيرة، أنه واجب علي وقد كتب لي أن أحضر بعض دروسه الرمضانية بالجزائر، ومنها الدرس النفيس الذي ألقاه بالمركز يوم ١٧ رمضان بمناسبة ذكرى بدر لسنة ١٣٦٨، أن اقتبس بعضه لأقدمه إلى قرّاء "البصائر" ليتصوّروا جلال هذه الدروس، وما قدرت أن أنقل إليهم من معانيه إلا يسيرًا، فليعذروني إذا أنا لم أقدّم لهم غذاء لذيذًا كما يشتهون ويشتهي الفن، فحسبي لديهم أن قدّمت الغذاء، وحسبي لدى نفسي أن أرضيتها فيما طالما تحرّقت عليه أسفًا وحنت إليه شوقًا، ألا وهو ضياع تلك الدروس القيّمة والمحاضرات العامرة التي يلقيها الرَّئِيسُ في جولاته بربوع القطر الجزائري، تلك التي لا تتقطع طول السنة، وما أشبهها إلا بنهر عذب جارٍ يستقي منه القريب، ولا يحرم منه البعيد، أجل طالما تذامرنا وتقاسمنا- نحن معشر تلامذة الأستاذ ورفقائه- على أن كل من قسم له حضور تلك الدروس ليكتبن كل ما أسعدته ذاكرته بحفظه، وقلمه بتسطيره، ولكنّا نخلف مرة، ولا يسعدنا الحظ لمرافقة الأستاذ في أسفاره مرات، على أن حاضري الدرس من الكتّاب يؤخذون بالسماع، ويندهشون فلا يكتبون شيئًا، وكانت النتيجة ضياع كنوز من العلم والحياة لا تقوم بمال.

أجل لم ينقطع الأستاذ الرَّئِيسُ عن الجولان لخدمة الأمة والجمعيات والمدارس والمعهد إلا بضعة أشهر في السنة الفارطة لمرض أقعده، ولعدم وجود سيارة تقلّه، فتعطل كثير من الأعمال، واشتاقت المحافل إلى سماع صيحاته ونصائحه وبيانه الساحر، وحلّ المشكلات، واستمرّت الحالة كذلك زمنا قصر فيه أعماله وزياراته كلها على المعهد وحده، ولما تهيأت له الوسائل جاب البلاد في أمد وجيز تناول فيه بالزيارة ما يلي:


* "البصائر"، العدد ٨٧، السنة الثانية من السلسة الثانية، ١٨ جويلية ١٩٤٩م.

<<  <  ج: ص:  >  >>