للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سجع الكهّان *

- ٧ -

بارقٌ في برقة، شمنا من بعيد برقه، فإذا أصوات رجعُها في الآذان خلاف وفرقة، ووقعُها في النفوس أسى وحُرقة، وإذا فرق من رفاق الجهاد تُعادي فرقة فرقة، وإذا إنتاج ذلك كله وليد في خرقة، وقابلةٌ تجهد في الأهباط وتقول: ارقهْ. وإذا الغرب من ذلك الهيكل الملموم يُزايل شرقَه، وإذا الوتد مفروق، والقاعدة فروق، والحمى بالشعواء الصامتة مطروق، وصُواع بني الأب بأيدي بني الأم مسروق، وإذا القيصرية- المحروبة في كل وطن- تبدو في هذا الوطن المحروب قرونها، ويأبى إلا التقحم في المهاوي حرونها، وإذا صفحة من تاريخ ملوك الطوائف تُعاد، فتلقى ممن يعيشون على التفريق الإسعاد.

أي جيران الشمال، ومعاقد الآمال، أعيذكم بالعروبة وهي الأمّ، وبالوطن وهو الهمّ والأمّ، وبعمر، حادي الزّمر، عمر الشهيد، وما عهده بالعهيد، وبما أرقتم من دموع ودماء، لم يبق منها إلا الذماء، وبالإسلام- وهو الذِّمام- أن تختلفوا في الحق، فترضوا بالشقّ، أو توسعوا الشقّ، فتقعوا جميعًا في الرقّ، وأعيذكم أن تغتروا بالوعود الخالبة من الدول الغالبة، فإنما ذلك إبساس من الأيدي الحالبة، وأعيذكم أن تُنْكروا التقسيم وأنتم منقسمون، وأعيذكم أن يكون غرب النيل كشرق الأردن ... وأعيذكم أن ترضوا بالخفض، ولا تقبلوا (الضم)، إن الضم علامة (البناء)، وآية (استقرار) البناء، فاجهدوا في إثبات الضم وخلاكم ذم.

إن هؤلاء الأقوياء كلما عجزوا عن قيادة الجمع قادوهم بواحد ... فاحذروا ذلك الواحد، وإن الجانب الغربي لكم عدوٌّ، فاتّخذوه عدوًّا، واحذروه رواحًا وغُدوًّا، واحذروه قلقًا وهدوًّا.


* نشرت في العدد ٨٨ من جريدة «البصائر»، ٢٥ جويلية سنة ١٩٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>