للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نداء وتحذير]

إلى الشعب الجزئري المسلم العربي *

ــ

أيها الشعب العربي المسلم:

في هذه الظروف الدقيقة التي تجتازها فلسطين العربية وفي هذا الصراع العنيف الذي حمل عليه إخوانك العرب حملًا وأُلجئوا إليه إلجاء لا خيار فيه، وفي هذه الحرب المستعرة التي يوشك أن تضيق بها الرقعة فيتطاير شررها إلى جوانب العالم فتحرقه أو تغرقه، وفي هذه الأزمة التي عقدها الطمع فعجز عن حلّها العالم الذي لم يعرف القناعة، وأنشأها الباطل فلم يستطع التغلب عليها الرؤساء الذين لم يعرفوا الحق، وفي هذه المعركة التي قسمت كلًا من العالمين الملحد والمتديّن إلى معسكرين: بعض أسلحتهما الحديد والنار، وبعضها الرأي والمكيدة، وبعض أسبابهم إليها الحق الذي لا شبهة فيه، وأكثرها الباطل الذي لا مرية فيه. في هذه الظلمات المتراكمة نتوجّه إليك مخلصين بنصيحة تضمن استمرار السير، وحفظ الاتجاه، وسلامة العاقبة.

نحن نعتقد أن ميدان القتال بين العرب وبين اليهود هو فلسطين. أما الجزائر وغيرها من بقية أقطار العروبة فهي ميادين شعور وعطف وأخوّة وتضامن، يشعر فيها العربي بمحنة أخيه في فلسطين فيعطف عليه وبحمله العطف على مواساته بما استطاع مما يخفف محنته أو يعينه على ظالمه. ويعتقد أن فلسطين وطن عربي كل الحق فيه للعرب، فيردّ دعوى المدّعين ودعاية الداعين بالحجة والمنطق، ويسمع كلمة الباطل في قومه فينقضها بكلمة الحق، ويرى مواطنه اليهودي يزوّد إخوانه في فلسطين أو يجهّز مقاتلتهم فيفعل مثل ما فعل، وكما أننا لا نلوم يهود العالم على إظهار عواطفهم نحو إخوانهم في فلسطين. لا نقبل اللوم من شخص أو من حكومة على إظهار عواطفنا نحو إخواننا عرب فلسطين، ولا نقبل التحجير علينا فيما


* "البصائر"، العدد ٤٠، السنة الأولى من السلسلة الثانية، ٢١ جوان ١٩٤٨م. (بدون إمضاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>