للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب مفتوح لسعادة وزير الداخلية]

للجهورية الفرنسية*

ــ

يا سعادة الوزير:

إن الأصداء المتجاوبة عن زيارتكم للقطر الجزائري أفهمت الأمة الجزائرية المسلمة أنها زيارة تمهدون بها لإصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي يفتقر إليه هذا الوطن. فالتفتت هذه الأمة إلى الماضي واستعرضت الزيارات الوزارية المتعاقبة وآثارها فهبطت درجة التفاؤل فيها إلى حد بعيد، ولكن ما جاء في بعض خطبكم (إن الظروف غير الظروف) أمسك فيها رمق الأمل.

كان من تمنيات الأمة أن يقال عن زيارتكم إنها استجابت للصرخات المنبعثة من أعماقها. وإنها تمهيد لتحقيق مطالبها. وسترون بأعينكم وتدركون بعقلكم- إن لم تحل الحوائل بينك وبين الحقيقة- ما يقنع ضميركم الحي وعاطفتكم الإنسانية وفكركم الديموقراطي أن القضية الجزائرية لا تداوى بإصلاحات مهما كانت سريعة وإنما تداوى بحقوق تعطى ورغائب تحقق. فارم بعينيك- يا سعادة الوزير- إلى ما وراء الصفوف الأمامية التي تقابلك في هذه الزيارة تر الحقيقة. وأرهف سمعك إلى الأصوات المنبعثة من تلك الجهة تسمع الحقيقة، وإن الطبيب لا يبني العلاج على أقوال الأصحاء وشهادتهم للمريض، وإنما يرتب العلاج على كلام المريض لأنه ينير له سبيل الحكمة. وعلى أناته وصرخاته لأنها تثير فيه عاطفة الرحمة. وإذا اجتمعت الحكمة والرحمة في نفس الطبيب ضمنا سداد الدواء وعاجل الشفاء.

وإننا نتمنى لكم في زيارتكم هذه توفيقًا يرفع ذكركم. ويقرن بحل القضية الجزائرية اسمكم.


* جريدة "النهضة" التونسية، ٣٠ أفريل ١٩٤٧، وجريدة "الإصلاح"، عدد ٤٨، ٨ ماي ١٩٤٧م.

<<  <  ج: ص:  >  >>