للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«البصائر» إذا أحسّوا بتفاوت في أسلوب هذه المقالات، فإن ذلك نتيجة التأثرات المتفاوتة التي ترد على الرحّالة الدارس.

...

____

[بدء الرحلة]

____

خرجت من الجزائر يوم الجمعة سابع مارس ١٩٥٢ وشيّعني في المطار إخواني المشائخ الأجلّة الذين أذكر أسماءهم هنا تنويهًا بفضلهم وتجديدًا لذكراهم، الأساتذة: العربي التبسي، ومحمد خير الدين، وعبد اللطيف القنطري، وأحمد توفيق المدني، وحمزة بوكوشة، وباعزيز بن عمر، وولدي أحمد الإبراهيمي، ورجال المركز كلهم، ووفد من أفاضل البليدة، ذكر الله الجميع بخير الذكر، ووصلت إلى باريس بعد زوال ذلك اليوم فتلقاني بالمطار الأستاذان المحاميان عياش ابن عجيلة، وأحمد بو منجل، ولبثت في باريس يومي الجمعة والسبت للاجتماع برئيس الشعبة المركزية لجمعية العلماء وأعضائها ورجال الحركة فيها. وفي مساء الأحد تاسع مارس على الساعة السابعة ركبت القطار السريم إلى رومة وصحبني إليها الأستاذ أحمد بو منجل فوصلناها مساء يوم الإثنين الموالي قبل قيام الطائرة إلى مصر بساعتين، فذهبنا رأسًا من محطة القطار إلى المطار، وفي المطار ودّعني الأستاذ بو منجل راجعًا إلى باريس من ليلته.

قامت الطائرة (وهي تابعة لشركة ك. ل. م. الهولاندية) من مطار رومة على الساعة الثامنة من مساء الإثنين فوصلنا مطار فاروق بالقاهرة على الواحدة بعد نصف الليل، وكانت مرحلة من أجمل المراحل، فالجو صاح والقمر مبدر، والبحر المتوسط تحتنا، مبرقع بقزع من الضباب الأبيض. إنه منظر لم أرَ في عمري أجمل منه، حتى قطعه علينا منظر أضواء المدن المصرية، وبدأت الطيارة تنحدر، وقيل هذا مطار فاروق، وكانت الساعة الواحدة بعد نصف الليل.

كنت أبرقت من باريس إلى مكتب الجمعية بالقاهرة بساعة سفري من رومة وساعة وصولي إلى مصر ورقم الطائرة، وغاب عني أن الأحكام العرفية المنصوبة في مصر تقضي بمنع التجوّل بعد العاشرة ليلًا، لذلك لم أجد في المطار أحدًا ينتظرني، فتوليت الإجراءات القانونية بنفسي، وهي كثيرة معقّدة استغرقت ساعتين من الزمن، ثم ذهبت مع المسافرين في سيارة الشركة المرخص لها إلى الفندق المرخّص له وهو فندق "هليولوليس" بمصر الجديدة،

<<  <  ج: ص:  >  >>