للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد خطاب *

إذا خلا الاسم من نعوت السيادة، وتجرّد أصله من حروف الزيادة، فصاحبه هو السيد، والصرح أملأ للعيون ممردًا، والسيف أرهب للنفوس مجرّدًا.

...

وأخونا محمد خطاب رجل من رجال الأعمال الذين لا يردّ نجاحهم فيها إلى الإرث، أو المصادفات والمغامرات؛ وإنما يردّ إلى العصامية، والبناء المتأنّي طبقًا عن طبق، ومماشاة العصر الجديد، في الأخذ بوسائل التجديد.

منقطع النظير من بين رجالنا في عدة خلال، لو تفرّقت عليهم ووجدت فيهم لنفعوا أنفسهم، وشرّفوا أوطانهم، فما شئت من حنكة وتدريب، وما شئت من خطًى واسعة في الاختيار والتجريب، وما شئت من نهزة وتشمير. لا تفوت معهما فرصة، وما شئت من ضبط للوقت لا تتجرعّ معه من التفريط غصّة، إلا وجدت كل ذلك فيه؛ شهد الزائرون لمزارعه الواسعة بالمغرب، التي يديرها بنفسه، ويُفيض عليها من عزيمته وذوقه الفنّي، أنها نموذج عال من الفن الراقي في الفلاحة، ومدرسة منظّمة يمارس فيها العملة المخلصون لأنفسهم من أساليب الزراعة والغراسة وآلات الفلح المتنوعة، كل مفيد نافع؛ وإنهم لكثرة ما يتعهدهم بالإحسان والنصح والتدريب يعتبرون أنفسهم شركاء وزملاء لا عملةً ومأجورين. وهذه هي نهاية ما تصل إليه النفوس من السموّ، والهمم من الكمال؛ وهذه أيضًا هي نهاية ما يصل إليه الإحسان، من الرضا والاطمئنان وسدّ منافذ الحسد والحقد، ولو أن أصحاب الأعمال الكبرى ساسوا العمال بمثل هذه السياسة، لما نشأت المشكلة الاجتماعية التي قسمت العالم إلى معسكرين متناحرين.

...


* نُشرت في العدد ٨٦ من جريدة «البصائر»، ١١ جويلية سنة ١٩٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>