للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"البصائر" في سنتها الرابعة *

بهذا العدد تدخل "البصائر" في سنتها الرابعة من سلسلتها الجديدة على النهج الذي نهجناه لها، وهو اعتبار سنتها خمسة وأربعين عددًا، من غير مراعاة للمدة التي تصدر فيها هذه الأعداد، تقديمًا لمصلحة المشترك قبل مصلحة الجريدة، وإيثارًا للمعنويات على الماديات، وإراغة للمعاني الفاضلة التي منها أن تكون العلاقة بين الجريدة وبين قرّائها علاقة المربّي بتلميذه، لا علاقة التاجر بعميله، ونقضا لتلك العادة المألوفة التي تجري عليها معظم الجرائد، فتعامل المشترك على السنة الزمنية المحدودة باثني عشر شهرًا، وتأتي أسباب التعطيل فتتخوّن من الأعداد بقدرها ويكون الغبن على المشترك، ونحن راضون بهذا المسلك وإن أوقعنا في الضيق والحرج، كما وقع في هذه السنة.

قطعت "البصائر" ثلاثة أحوال من عمرها الجديد المديد إن شاء الله معتمدة على الله، معتدّة بنفسها، معتزّة بقرّائها، ناطقة بالحق، قوّامة عليه، حربًا على الباطل والمبطلين، لم تلن لها في مواقفتهم قناة، ولم تهن في منازلتهم عزيمة، ترتفع في أسلوبها حتى تشارف الأفق الأعلى للبيان العربي، وتخفض الجناح- في غير إسفاف- حتى تذلّل قطوفها للجانين من جميع الطبقات، تطرق العقول ببراهينها فتخشع، وتغزو الأفئدة ببيانها فتطرب، حتى كثر المعجبون بها من الخاصة، وكثر المتشيّعون لها من العامة، وإن لديها من شهادات من يعتدّ بشهادتهم من صيارفة الكلام وجهابذة الرأي ما تتباهي به وتفاخر.

...


* "البصائر"، العدد ١٣٦، السنة الرابعة من السلسلة الثانية، ٨ جانفي ١٩٥١م.

<<  <  ج: ص:  >  >>