للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الإخوان الأعزة أساتذة مصر!

كل هؤلاء يمئلون الشعب الجزائري بجميع طبقاته: فيهم المعلّم المجاهد، والسياسي المحنك، والتاجر المقتصد، وفيهم، وفيهم ... وكلهم يستقبلونكم في دار جمعية العلماء، ولو تَرَامَتْ إليهم أخبار رحلتكم في فسحة من الزمن لرأيتم غير ما ترون: رأيتم جموعًا حاشدة ملتفة حولكم هاتفة باسمكم مقرونًا بالإكبار، وباسم مصر مقرونًا بالتبجيل والاحترام.

نحيّيكم باسم جمعية العلماء، وإنما نحييكم باسم الأمة الجزائرية المسلمة العربية، فما منزلة جمعية العلماء من هذه الأمة إلّا منزلة القلب من الجسد، شَاءَتْ أو أبتْ، فهي ناشرة محاسن الإسلام فيها، وهي مجلية حقائقه وآدابه فيها، وهي حافظة لسانه المبين فيه.

نحيّيكم ونحيّي في أشخاصكم مصر ونوابغها في الأدب والتشريع، وصحافتها الراقية، وأقلامها المشرعة حفاظًا عن الشرق والإسلام والعروبة، وكلياتها التي هي موارد للظماء ومناهل للعلم والعرفان، وشعبها العربي الكريم.

فاحتفظوا بنا، واكتبوا عنّا، واصغوا إلينا.

أيها الإخوان: قد أطلنا عليكم الحديث، ذلك أن المريض الذي يئنّ قد يأرز إلى تسلية نفسه بهذا، فإن الطبيب مهما كان بارعًا في وصف ألم المريض فلن يصفه إلّا وصفًا علميًا بيد أن المريض مع ذلك أدرى بوصف مرضه وألمه.

هذا بعض ما نثره الرَّئِيسُ الجليل من الآيات البينات على مسامع من خفوا إلى مركز جمعية العلماء من ممثلي الأحزاب والهيآت ليحيوا ضيوف الجزائر الكرام.

ولولا ما طغى على الذاكرة من الشعور بالجمال والجلال اللذين غشيا هذا المشهد التاريخي العظيم، لاستطاعت أن تثبت للقارىء أكثر من هذا من جولاته ولفتاته التاريخية التي نقلنا على جناحها بعيدًا، فشاهدنا منازل وربوعًا لا تزال تتعطر المجالس بذكرها، وتهفو إليها الأفئدة والأسماع كلما ذكر مجدها الغابر وعصرها الزاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>