للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالة المسلمين *

تتردّد على أقلام الكتّاب العرب وعلى ألسنة خطبائهم منذ عهد قريب كلمات: الوعي، اليقظة، النهضة، منسوبة إلى الإسلام أو مضافة إلى المسلمين، والكلمة الأولى منهن حديثة الاستعمال في المعنى الاصطلاحي المراد منها وإن كانت عريقة النسبة في معناها الوضعي، والوعي في معناه الاجتماعى الذي يعنيه هؤلاء الكتّاب والخطباء إدراك بعد جهل، واليقظة في قصدهم تنبّه بعد غفلة، والنهضة معناها حركة بعد ركود.

فهل هذه الأقلام والألسنة متهافتة على هذه الكلمات تصف حقيقة أم تصوّر خيالًا؟ فإن الصفات لا تتحقق إلا بظهور آثارها في الخارج وبشهادة الواقع الذي لا يمارى فيه لها، والوعي الحقيقي يصحبه رعي ويعقبه سعي واليقظة الحقيقية يصحبها علم لا هوينا فيه ويتبعها عمل لا تردّد فيه.

والنهضة الحقيقية يصحبها حزم لا هوينا فيه ويتبعها عزم ويسوقها إقدام لا إحجام فيه إلى غاية لا اشتباه فيها. وهل هذه الآثار وهذه الدوال موجودة حقيقة في المجتمعات الإسلامية؟ لا نثبت فنكون متفائلين في موضوع لا ينفع فيه التفاؤل، ولا ننكر فنكون مثبطين في مقام ينفر فيه التثبيط، إنما نقول مقرّرين للواقع إن شاء الله، إن المعاني الحقيقية للألفاظ الثلاثة لا تظهر إلا إذا سبقتها إرهاصات أو أمارات كما يسبق الفجر طلوع الشمس وأدلّها تقارب القلوب وتعارف الشخوص أو تجاوب الشعور وتجانس الأفكار وتعاطف الأرواح وتهيؤ الطباع إلى الاستحالة من صبغة إلى صبغة، وإلى الانسلاخ من جلدة إلى جلدة، وصدق التوجيهات من النتائج إلى المقدمات ومن الوسائل إلى الغايات، وسهولة التغلّب على


* مجلة "الاخوة الإسلامية"، العدد السابع عشر، بغداد، ٢٨ شوال ١٣٧٢هـ الموافق لـ ١٠ يوليو ١٩٥٣م.

<<  <  ج: ص:  >  >>