للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موالاة المستعمر خروج عن الإسلام *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها المستمعون الكرام ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إذا قلنا إن موالاة المستعمر خروج عن الإسلام فهذا حكم مجمل، تفصيله أن الموالاة مفاعلة أصلها الولاء أو الولاية، وتمسّها في معناها مادة التولّي والألفاظ الثلاثة واردة على لسان الشرع، منوط بها الحكم الذي حكمنا به وهو الخروج عن الإسلام، وهي في الاستعمال الشرعي جارية على استعمالها اللغوي وهو- في جملته- ضدّ العداوة، لأن العرب تقول وَالَيْتُ أو عاديت، وفلان ولي أو عدوّ، وبنو فلان أولياء أو أعداء، وعلى هذا المعنى تدور تصرفات الكلمة في الاستعمالين الشرعي واللغوي.

وماذا بين الاستعمار والإسلام من جوامع أو فوارق حتى يكون ذلك الحكم الذي قلناه صحيحًا أو فاسدًا؟

إن الإسلام والاستعمار ضدّان لا يلتقيان في مبدإٍ ولا في غاية. فالإسلام دين الحرية والتحرير، والاستعمار دين العبودية والاستعباد، والإسلام شرع الرحمة والرفق، وأمر بالعدل والإحسان، والاستعمار قوامه على الشدّة والقسوة والطغيان، والإسلام يدعو إلى السلام والاستقرار، والاستعمار يدعو إلى الحرب والتقتيل والتدمير والاضطراب، والإسلام يثبت الأديان السماوية ويحميها، ويقرّ ما فيها من خير ويحرّم أنبياءها وكتبها، بل يجعل الإيمان بتلك الكتب وأولئك الرسل قاعدة من قواعده وأصلًا من أصوله، والاستعمار يكفر بكل ذلك ويعمل على هدمه، خصوصًا الإسلام ونبيّه وقرآنه ومعتنقيه.

نستنتج من كل ذلك أن الاستعمار عدوّ لدود للإسلام وأهله، فوجب في حكم الإسلام اعتبار الاستعمار أعدى أعدائه، ووجب على المسلمين أن يطبّقوا هذا الحكم الإسلامي وهو معاداة الاستعمار لا موالاته.


* كلمة أُلقيت بإذاعة "صوت العرب" بالقاهرة، عام ١٩٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>