للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلمات واعظة لأبنائنا المعلمين الأحرار *

- ١ -

أيها الأبناء الأعزّة!

إن هذه الحركة العلمية المباركة أمانةٌ في أعناقنا جميعًا، وعهد إلهي محتم الوفاء علينا جميعًا، فنحن في تحمله وفي وجوب الوفاء به سواسية، ليس صغيرنا بأقل تبعةً ولا أخف حملًا من كبيرنا؛ ونحن في تحمل هذه الأمانة وأدائها أمام ربّ يعلم ما نخفي من النيات وما نعلن من الأعمال، وأمام أمة تعين على الوسائل، وتنتظر النتائج، وتحاسب على ما بينهما، وأمام تاريخ لا يغادر سيئةً ولا حسنةً إلا أحصاها، وأمام خصوم أشداء يحصون الأنفاس ليوقعوا العقوبة ويترقبون العثرة ليعلنوا الشماتة، فلنحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا الناس، ولنقدّر موقع أقدامنا قبل أن نضع الأقدام، ولنجعل من ضمائرنا علينا رقيبًا لا يغفل ولا يتسامح.

إننا نزيد عليكم- بعد الاشتراك في حمل الأمانة العامة- باستحكام التجربة، وعرك الأيام، وعجم الحوادث، والتمرّس بالخصوم، والصبر على المكاره، والاستخفاف بالحساد الذين أكل الحسد أكبادهم، فما بالينا أطاروا أم وقعوا، وملابسة الأمة على البر والجفاء، وعلى الإحلاء والإمرار، وعلى الخشونة واللين، وبأننا الغرض المنصوب للسهام، لأننا- دائمًا- في مكان القيادة في الصفوف، فلا تصل الرمية إلى أحدكم إلا بعد أن نثخن ولا يبقى فينا موضع لسهم! فإذا رأيتمونا نمسكم بالشدة أحيانًا، ونقسو عليكم في التثقيف، فذلك لكي يخلص لنا من عَشَراتِكُمِ آحادٌ يخلفوننا في هذه الخلال، إذا خلتْ أمكنتنا في المراكز الأمامية، بعد أن يقطعوا من مراحل العمر ومقامات التدريب ما يؤهلهم لذلك.

...


* نشرت في العدد ١٣٢ من جريدة «البصائر»، ٩ أكتوبر سنة ١٩٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>