للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[مقدمة]

- ١ - *

لم تفاجئني هذه المجموعة من الوثائق والنصوص التي تحمل اسمين عزيزين على نفسي، أولهما اسم الثورة الجزائرية، وثانيهما اسم الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، ولا أعتقد أنني الوحيد الذي لا تفاجئه هذه الوثائق، لأن كل عارف بالتطور التاريخي وكل متحل بالإنصاف يعرف علاقة الشيخ الإبراهيمي بالثورة من دون أن تزيده المجموعة التي بين أيدينا إلا قناعة وتأكيدًا، ولذلك قلت إنني شخصيًّا لم أفاجأ عندما اطلعت على ما ترك الشيخ الإبراهيمي من وثائق حول الثورة من بيان أول نوفمبر ١٩٥٤ إلى بيان أبريل سنة ١٩٦٤ الشهير، أي سنة واحدة قبل رجوع الشيخ إلى ربه. فقد عشت شخصيًّا تلك الأيام التي ترويها هذه الوثائق رغم أنني كنت ما أزال في سن مبكرة وكنت أتتبع مواقف جمعية العلماء منذ ١٩٤٧. ومن ثمة لم تفاجئني البيانات والبرقيات والتصريحات والخطب والأحاديث والنداءات التي حررها أو ألقاها الشيخ الإبراهيمي باسم جمعية العلماء وجبهة التحرير الوطني، وإذا شئت باسم الشعب الجزائري، بين ١٩٥٤ و ١٩٦٤.

ان الذين يعرفون الظروف التي ولدت فيها الثورة، سيما منذ سنة ١٩٤٥، يدركون أن هناك رجالًا كانوا يُعِدُّون لها بطرق مختلفة، وليس بطريق واحد، فمنهم من كان يعدّ لها بتوفير الأسلحة والتدريب العسكري، ومنهم من كان يحضر لها بتدبير المال والوسائل المادية، ومنهم من كان يخطط لها بالتكوين المعنوي وتربية النفوس على حب الوطن والجهاد في سبيله، ولكنهم كانوا جميعًا يعتقدون ان "دروسهم" لاعداد الثورة تكمل بعضها البعض، وأنه من الخطإ إعطاء الأولوية لهذا المدرس أو ذاك. ولكن بعض المتحزبين


* هذه المقدمة كتبها الدكتور أبو القاسم سعد الله لقسم من هذا الجزء صدر تحت عنوان "في قلب المعركة"، الجزائر، دار الأمة، ١٩٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>