للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجال أعمال *

محمد الطاهر بن عاشور وعبد الحميد بن باديس إماما النهضة العلمية في الشمال الإفريقي

ــ

البصائر ميزان حق، ولسان صدق، فهي تزن الرجال بأعمالهم الجليلة، ومواقفهم الشريفة، وتقوّمهم بالقيم الإيجابية، لا بالقيم بالسلبية، وهي تمدح المستحقين للمدح فلا تشين المدح بالغلوّ، وتذمّ المستأهلين للذم فلا تزين الذمّ بالكذب والاختلاق.

و «البصائر» لا تأبه للصيت الطائر في المجامع، والاسم الدائر على الألسنة، والشهرة السائرة في الآفاق، ما لم يكن من ورائها أعمال نافعة تشهد، وآثار صالحة تُعهد، وثمرات طيّبة تُجنى.

وقد صدّرت هذا العدد بصورة اثنين من رجال العلم والعمل بهذا الشمال الإفريقي، توافت شهرتهما وأعمالهما إلى غاية، وتسابقتا إلى أمد، فكان السبق للأعمال. وإذا كانت الشهرة قد تكذب، فإن الأعمال لا تكذب، وهي قائلة في كل واحد منهما كلمة، حظّ العمل فيها من التنويه أوفر من حظ العامل.

ونحن حينما نذكر العمل لا نريد به المعنى القاصر في عرف الفقهاء، وإنما نريد منه هذه الأعمال العامّة النافعة التي فيها ما في النور والماء من غذاء وقوّة وحياة، وفيها ما في الدهر من استمرار وامتداد.

رحم الله الميت، وبارك في عمر الحيّ، إلى أن تتكامل أعماله، وتتحقّق في إصلاح "الزيتونة" آمالنا وآماله.


* نُشرت في العدد ٤٤ من جريدة «البصائر»، ٢٦ جويلية سنة ١٩٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>