للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المولد النبوي الكريم]

- ١ - *

أوقفنا مقالات "تاريخ المولد النبوي في المغرب العربي" عن قصد لأنها طالت، ولأن ما كُتب منها يدخل فى رسالة مستقلة، ولأن المهم منها إنما هو الجانب التاريخي، أما الحكم الشرعي فيها فنحن لا نقر ذلك الاستحسان الذي يبالغ فيه بعض من نقل الكاتب كلامهم من علماء تلك العصور، فهم يجعلون من حبّ المولود العظيم عذرًا في ارتكاب بِدَع المولد، ومسوغًا لأعمال الملوك الذين لا غاية لهم من تلك الموالد إلّا الدعاية لأنفسهم، وقرن أسمائهم باسم النبي - صلى الله عليه وسلم - في مديح الشعراء، واستجلاب العامة بذلك كله. ولو أنهم جعلوا تلك الاحتفالات ذرائع لإصلاح حال الأمة، وحملها على الرجوع إلى السُّنَن النبوية، والاهتداء بالهدي المحمدي، لَكان لفعلهم محمل سديد، وأثر حميد، لأن الأمور بمقاصدها.

أما الحبّ الصحيح لمحمّد - صلى الله عليه وسلم - فهو الذي يدع صاحبه عن البِدَع، ويحمله على الاقتداء الصحيح، كما كان السلف يحبّونه، فيُحيون سننه، ويذودون عن شريعته ودينه، مِن غير أن يقيموا له الموالد ويُنفقوا فيها الأموال الطائلة التي تفتقر المصالح العامة إلى القليل منها فلا تجده.

ونحن نحتفل بالمولد على طريقة غير تلك الطريقة، وبأسلوب غير ذلك الأسلوب، فنجلي فيه السيرة النبوية، والأخلاق المحمدية، ونكشف عما فيها من السر، وما لها من الأثر في إصلاحنا إذا اتبعناها، وفي هلاكنا إذا أعرضنا عنها، ففي احتفالاتنا تجديد للصلة بنبيّنا في الجهات التي هو بها نبيّنا ونحن فيها أمته.


* "البصائر"، العدد ١١٤، السنة الثالثة، ٣ أفريل ١٩٥٠: تقديم لمقال الأستاذ عبد الوهاب بن منصور بعنوان "عنوان المرقصات والمطربات لابن سعيد المغربي".

<<  <  ج: ص:  >  >>