للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضية ذات الذنب ... الطويل *

- ١ -

تعوّد الناس إطلاق الوصف على الكواكب السماوية ذوات الأذناب، لأنهم تعوّدوا رؤيتها بالعين في بعض الأطوار الفلكية، وسماعَ أخبارها والمزاعم التي تعقد حولَ أسبابها وآثارها، وأجمعوا- قبل معرفة أسبابها الطبيعية- على التشاؤم منها، واعتقاد أنها ستلف هذا الكوكب الأرضيّ بذنبها في يوم من الأيام فتطوّح به، كما يلفّ الفيل قطعة الخشب بخرطومه ويطوح بها.

ولكنهم لم يتعوّدوا إطلاق هذا الوصف على القضايا الأرضية، مع أن منها ما يفرَع الكواكب ذوات الأذناب طولًا، ويفوقها خطرًا وشؤمًا وتفزيعًا، واذكر الآن- بعد أن نبّهناك- ما شئت من القضايا ذوات الأذناب، فإنك ستنسى واحدةً هي أطولهن ذنبًا، لأنها دقت في الغرابة حتى خفيتْ على الأذهان، وتعاصت عن الحل لأن الذي أحكم عقدَها هو الشيطان، وللشيطان ولوع بالإسلام لأنه موتور له، بما فضح من مكائده، وبما. بالغ في التحذير منه، وبما حصّن النفوس منه من المعوّذات، فلا عجب إذا كانت آثارُ يده بارزة في هذه القضية على يد أعظم أعوانه في المعاني وهو الاستعمار، وأكبر أعوانه من الأشخاص وهم دعاة الاستعمار، فلندُلّك على هذه القضية متبرّعين: هي قضية فصل الإسلام عن حكومة الجزائر ...

...

عد ما شئت من القضايا ذوات الأذناب الطويلة، واخترْ منها أشدّها تعقيدًا، وأكثرها تشعّبًا وعواملَ خلاف، وتناقض مصالح، وقلْ- مع ذلك كله- إن حلّها قريب، ممكن،


* نُشرت في العدد ١٧٥ من جريدة «البصائر»، ٢٦ نوفمبر سنة ١٩٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>