للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشكلة العروبة في الجزائر *

طلب إليَّ أخي الأستاذ محمد علي الحوماني مقرر ندوة الأصفياء (١) إلقاء كلمة في الندوة. عن مشكلة العروبة في الجزائر، فالقيتها ارتجالًا، لأن موضوع العروبة أو العربية في الجزائر هو الموضوع الذي قسمه الله لي، وجعله ميدان أعمالي وأحاديثي، ومجال قلمي عشرات السنين، وقد توسعت في الكلمة الارتجالية وجر شيء إلى أشياء لما تقتضيه طبيعة الارتجال من عدم الضبط وصعوبة الحصر، ثم كلفني الأخ الحوماني تلخيصًا لمعاني تلك الكلمة بالكتابة لأن الندوة عاملة على إخراج هذه الكلمات التي تلقى فيها- في كتاب- وأن هذا لبناء جليل، تتقاضانا الغيرة أن نعين القائمين عليه ولو بلبنة.

وهذا المركب الإضافي (مشكلة العروبة) هو العنوان الذي اختاره رجال الندوة لهذه الكلمات التي يلقيها الاخوان الأعضاء في اجتماعاتهم المنظمة. ولعمري لقد سددوا وقاربوا في اختيار هذا العنوان، وفي قصر أحاديثهم على موضوعه، فإن قومنا العرب انعكست معهم القاعدة، فبعد أن كانوا يذودون عن حقيقتهم بمعناها المعروف عندهم، أصبحوا يذودون عن حقائقهم الواقعية، ويصرفون حتى عن التفكير فيها، فتراهم يهتمّون بشؤون غيرهم حديثًا عنها وجدالًا فيها، وعملًا لها ويعرضون عن شؤونهم إعراض الخلي الفارغ، مما لا ينقضي منه العجب من خصائص قومنا العرب، ومن ورائهم المسلمون كلهم. ان معظم مشكلاتهم الدينية والاجتماعية قديمة العهد، مرت على بعضها القرون بل مر على بعضها تاريخ الإسلام


* محاضرة أُلقيت في منزل الأستاذ محمد مفيد الشوباشي أحد الأصفياء بضاحية المعادي بالقاهرة، يوم ٥ جوان ١٩٥٥.
١) الأصفياء: مجموعة أصدقاء من العلماء والأدباء والمفكرين يجتمعون دوريًّا في ندوة يتولى خلالها أحدهم إلقاء محاضرة حول موضوع معين يتبعها تعقيب ومناقشة، وقد طبعت هذه المحاضرات في كتاب "الأصفياء"، دار مصر للطباعة، القاهرة، ١٩٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>