للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجنة "فرانس - إسلام" *

- ١ -

(كلامنا موجّه إلى فرنسا الاستعمارية، وإلى آلات الاستعمار من عقول، وأفكار، ورجال، وهيئات، فلا تتجاوز الظنون بنا هذه الدائرة).

ــ

كلمتان أكرهتا على الجوار في اللفظ والكتابة، فجاءت كل واحدة منهما ناشزة على صاحبتها، نابية عن موضعها منها، لأنهما وقعتا في تركيب لا تعرفه العربية، ولا يقبله الذوق العربي.

في العربية تركيب الإسناد، والإسلام لا يرضى أن يُسند إلى فرنسا الاستعمارية، ولا أن تُسند هي إليه، وفي العربية التركيب الإضافي، والإسلام لا يسمح أن يضاف إلى فرنسا، ولا أن تضاف هي إليه؛ وفي العربية التركيب الوصفي، والإسلام لا يقبل أن يوصف بالفرنسي ولا أن توصف فرنساب "الإسلامية"؛ وفي العربية التركيب المزجي، والإسلام وفرنسا كالزيت والماء، لا يمتزجان إلا في لحظة التحريك العنيف، ثم يعود كل منهما إلى سنّته من المباينة والمنافرة، وفي الشرائع الاستعمارية الفرنسية بالجزائر مذهب كانوا يسمّون جانبه التأثيري "الإدماج" وجانبه التأثّري "الاندماج" ومعناه قريب من معنى التركيب المزجي، ولكن هذا المذهب التحق بالمذاهب البائدة التي ولدها العتوّ عن أمر الله والعلو في أرض الله، فتلك آراؤه سخرية الساخر، وأولئك رجاله لعنة الأول والآخر، فهل هذه اللجنة تناسُخ لذلك المذهب غير المرحوم؟ وهل رجالها نُسخ من ذلك الطراز المعلوم؟

إننا لا نفهم من هاتين الكلمتين إلا ما نفهمه من كلمتَي "خير- شر" إذا وُضعتا في حيّز كهذا، لكلِّ معنى إفرادي جزئي، وليس لهما معنى تركيبي كلي، فإن كنّا مخطئين فالذنب


* نشرت في العدد ١١٤ من جريدة «البصائر»، ٣ أفريل سنة ١٩٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>