للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكومة الباكستانية خصّصت لكشمير إدارة مدنية كاملة، رئيسها في مظفر أباد، العاصمة الجديدة لكشمير الحرّة، ولها نيابة في كراتشي، وأخرى في راولبندي التي هي باب كشمير، وقد قامت نيابة كراتشي بتنظيم رحلتي وترتيب الإجراءات اللازمة لها، واتصلت بنيابة راولبندي، وبالعاصمة (مظفر أباد)، فكان كل شيء من لوازم الرحلة منظّمًا مرتّبًا بصفة رسمية، وخيّروني بين الطائرة والقطار، فاخترت القطار وأنا أعلم ما فيه من عناء ومشقّة، مع بعد الطريق، ولكنني آثرته لآخذ في ذهني بواسطة الرؤية صورة من هذا الوطن الطويل، لا تتأتّى لراكب الطائرة، واتفقنا على اليوم والساعة فكان كل شيء في ميعاده.

- ٦ * -

____

[بقية أعمالي في كراتشي]

____

خرجت من كراتشي- ومعي الشيخ محمد عادل القدوسي المترجم- على الساعة السادسة من صباح يوم الثلاثاء خامس عشر أفريل، فتكون مدة إقامي في كراتشي خمسة وعشرين يومًا صحيحة، مضى أسبوع منها في أنس ومطارحات أدبية مع الإخوان الأستاذ المفتي الأكبر والوزراء العرب: الخطيب وعزام والأميري وولدنا الأستاذ الفضيل، ثم افترقوا ولم يبقَ إلا الخطيب وولده الأستاذ فؤاد، وكفى بهما أدبًا وجاذبية وكرم نفس ورقّة شمائل، وحسن افتقاد لي، ومضت الأيام الأخرى في الاجتماعات والمقابلات وكتابة المذكّرات، ولم أتبرم فيها بشيء ما تبرّمت بشدّة الحرّ، ولولا أن ليل كراتشي يصلح ما يفسده يومها لكانت الحياة فيها مزعجة، هذا ونحن في الربيع، فكيف إذا هجم الصيف؟ وقد رأيناها في الصيف فكنا نترقّب الليل وطراوته كما يترقّب الصائم المغرب، وكنت أتربص بالكتابة الليل فأجد في برودته وهدوه وخلوه من الطارقين أعوانًا على النشاط لها وصفاء الذهن.


* «البصائر»، العدد ٢٠١، السنة الخامسة من السلسلة الثانية، ١٥ سبتمبر ١٩٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>