للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويح المستضعفين *

"يا ممسكي الأعنّة، إن رَكوبَة الباطل صعبة، فلا تتقحموا، ويا مشرعي الأسنّة، إنه لا سهم في الجعبة، فلا تتوهّموا، ولا منتهكي الحرُمات، ما ماتت الحرية بينكم ولكن الحرَّ مات، ولا ناشدي الحق في مجامع المبطلين ... لا ردّ الله ضالّتكم، أتطلبون الفص من اللص، وتقيسون في مورد النص، إن الحق ينشدكم، فلا يجدكم، فهل ترجون وجدانه، حين تطلبون نشدانه؟ التمسوه في صفوفكم المتفرقة، وآرائكم المغربة المشرقة، فإذا لم تجدوه فلا تلوموا الذئب على الافتراس.

الأماني كواذب، وأكذب منها رجاء العدل من مستعمر".

تجري في القطر الجزائري- منذ أكثر من أسبوعين- أعمال مباغتة، من التفتيش للمنازل، والترويع للنساء والأطفال، والاعتقال للمئات من شباب الأمة، وأكثرهم عائل تتوقف عليه حياة أسرة تنتظر قوتها المقتر من عمله المتقطع، وتسري هذه الحالة من قرية إلى قرية، ويتطاير شررها من شرق القطر إلى غربه، ومن غربه إلى شرقه، وهي- على ذلك- سائرة من التخصيص إلى التعميم، ومن التحديد إلى التمدّد والانتشار.

وتظاهر هذه الحملة البوليسية حملة أخرى صحفية، تشنّها صحف الاستعمار هنا في الجزائر، وهناك في فرنسا، وتبالغ- على عادتها- وتهوّل، وتشرح فتُطوِّل، وتؤكّد أنها مؤامرة مسلّحة، وتصفها بالصفات المزعجة في حروف كبيرة، وكلمات ضخمة، وجمل مثيرة، وعناوين لافتة، وخرائط محدّدة، كأحسن ما يفعل الصحافي الماهر إذا أراد الإعلان عن شيء وإثارة الاهتمام به، ثم تؤيّد بأرقام للأسلحة والذخائر المحجوزة فتأتي بما يُضحك


* نشرت في العدد ١١٨ من جريدة «البصائر»، ١ ماي سنة ١٩٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>