للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرقم السجين *

إلى مدير البريد العام بعمالة قسنطينة:

لا نشك في أن مصلحة البريد وتوابعه في هذا القطر تابعة للحكومة، خاضعة لتصرفاتها، ولا نشك في أن الحكومة تسيطر على المشتركين في هذه المصلحة وعلى عملائها بنوعين من المراقبة: أحدهما عام، في الأحداث العامة كالحروب والثاني خاص لقوم مخصوصين، ولا نجهل أن للحكومة طريقة خاصة في مراقبة بعض الأرقام، وهي استراق السمع بواسطة منضدة الاستماع: ( Table d'Ecoute) ولكننا نحدّثك اليوم على معاملة شاذة لا تدخل في واحد من النوعين.

في "بوسطة" (١) تبسة رقم سجين لم ينتفع به صاحبه ولم تنتفع منه المصلحة التي أنت مديرها، فهل تستطيع أن تطلق سراحه؟ هذا الرقم هو رقم ٥٩ - ١، أو رقم مدرسة تهذيب البنين، أو رقم الشيخ العربي التبسي، صاحبه نائب رئيس جمعية العلماء، ومدير معهد ابن باديس، وله- كغيره- مصالح وارتباطات توجب عليه أن يتصل بهم، ويتصلوا به، ولكنهم كلّما طلبوه لم يسمعوا في الجواب من عاملة التليفون إلا إحدى كلمتين: انه لم يجب، أو انه معطّل مختلّ وهو تحت (التصليح)، وقد يتكرّر الطلب من طالب واحد صباحًا ومساءً في أيام متوالية، فلا يكون الجواب في التسعين من المائة إلا بما ذكرنا. وقد يتناقض جواب عاملة التليفون في الوقت الواحد فتقول مرة: إنه لم يجب، وتقول مرة: إنه مخثلّ، ونتحفق بالبحث والسؤال أن صاحب التليفون ملازم لمكتبه، وأن جهاز التليفون سليم معافى.


* "البصائر"، العدد ٩٠، السنة الثانية من السلسة الثانية، ٥ سبتمبر ١٩٤٩م.
١) بوسطة: كلمة فرنسية ( La poste) وهي البريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>