للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغداد تكرّم المغرب العربي *

أيها الإخوان:

التحايا مفاتيح القلوب، وذرائع الأمل المطلوب، وأشرف التحايا ما مازج النفوس، وخالط الأرواح، ووافق الأمزجة، وأيقظ العواطف النائمة، وحرّك الأوتار الحية بما يشجي ويطرب، ووصل خصائص الأجداد بخصائص الأحفاد فكان بينهما ما يكون من التقاء السالب بالموجب في القوانين الكهربائية: حركة وضوء وحرارة.

فلا أحييكم بما حيّا به المعرّي الحبيب وربعه، مخالف دينه وطبعه، إذْ يقول:

تَحِيَّةُ كِسْرَى فِي السَّنَاءَ وتُبَّعِ ... لِرَبْعِكَ لَا أَرْضَى تَحِيَّةَ أَرْبُعِ

ولا أحيّيكم بما حيّا به ابن الرومي مأوى تشيّعه، ومهوى تسبّعه، حين يقول:

سَلَامٌ وَرَيْحَانٌ وَرَوْحٌ وَرَحْمَةٌ ... عَلَيْك، وَمَمْدُودٌ مِنَ الظِّلِّ سَجْسَجُ

بل أرتقي صعدًا إلى تلك التحية الفطرية التي جاء بها دين الفطرة رمزًا للأمان، وعنوانًا للإيمان، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كلمات مفصّلة، ومعان محصّلة، تبعثها الروح إلى الروح، وتنضح الكبد المقروح بالبثّ المشروح.

أيها الإخوان: أحييكم بهذه التحية عن نفسي كما ينفح العطر من الجليس إلى الجليس، وعن أخويّ الكريمين ممثلي تونس المجاهدة الصابرة الحاضريْن في هذا الحفل الحافل: الأستاذين محمد بدرة وعلي البلهوان.


* من الكلمة التي ألقاها الإمام في حفل ببغداد أُقيم على شرفه بحضور الزعيمين التونسيين محمد بدرة وعلي البلهوان، يوليو ١٩٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>