للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقوق المعلّمين الأحرار على الأمّة *

ونعني بالمعلّمين هذه الطائفة المجاهدة في سبيل تعليم أبناء الأمة لغتهم، وتربيتهم على عقائد وقواعد دينهم، وطبعهم على قالب من آدابه وأخلاقه.

نعني هذه الطائفة الصابرة على مكاره الحياة كلها، المحرومة من الراحة والاطمئنان في جميع أوقاتها، فهي في الشتاء تشقى وتتعب، وفي الصيف تضحى وتنصب، وفيما بين ذلك تكابد وتعاني؛ على ضيق من العيش، وتنكّر من الدهر، وتجهّم من الولاة، وفقدان للحافز من الرغبة والتنشيط. فلا مسكن مريح، ولا شمل مجموع، ولا مرتّب كافٍ يسدّ الضرورة، ويقوّي الضعيف، ويخفّف الهم، ويصونُ الهمة عن التبذل.

هذه الطائفة هي عماد جمعية العلماء في أجلّ وظائفها، وهي التربية والتعليم، وهي العصب المدبر لحياة هذه الحركة المباركة؛ فعليها- بحكم الأمانة والدين- واجباتٌ تشرعها الجمعية بالنظام والقانون، وتؤكّدها بالدعوة والإرشاد، وتستعين على تحقيقها بالمراقبة والتفتيش؛ ولها حقوق تتقاسمها الجمعية والأمة أمرًا وتنفيذًا، فهل قامت الجمعية والأمة متعاونتين بهذه الحقوق على أكمل وجه؟

أما جمعية العلماء، فإن واسطتها إلى الأمة هي هذه الجمعيات المحلية المشرفةُ على المدارس، القائمة مباشرةً بتصريف شؤونها المالية، وهذه الجمعيات هي المرجع الوحيد في ماديات المدارس، وهي الحاملة للحمل الثقيل فيها، ولما كانت جمعية العلماء تبني كل أمورها على الواقع المشهود، وتُراعي الظروفَ وشدّتها ورخاءَها، لتضمن لهذه المدارس الدوام والبقاء، كانت تتقدم إلى الجمعيات المحلية في باب المادّيات بما يحتمل الطاعة، وتتحمّله الطاقة، لأن من الحكمة اجتذاب الجماهير بالترغيب والمسايرة، لا بالإثارة والسوْق


* نشرت في العدد ١٤٩ من جريدة «البصائر»، ٢ أفريل سنة ١٩٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>