للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسالة إلى الأستاذ أحمد قصيبة*

بسم الله والله أكبر،

ولدنا الأستاذ أحمد بن أبي زيد يسّره الله لليسرى:

وصلتني رسالتكم الكريمة فأحمد الله لي ولكم على نِعَمه المتواترة، ونسأله التوفيق والإعانة وحسن العاقبة وتيسير الصالحات.

قد جاءت رسالتكم وأنا أكتب رسالة بالفرنسية إلى ولدنا الشاذلي ورفاقه، فسطرت فيها سلامكم عليهم.

رجاؤنا في الله قوي ولكنه رجاء الموحدين العارفين بسننه الكونية، فلا نرجو أن نحيا من غير أن نستعدّ للحياة، وإنما نرجو أن يوفّقنا الله إلى هذا الاستعداد.

أوصيكم باستكمال هذا الاستعداد الكَسْبِي من نفوسكم، وأوصيكم بأن تكونوا بررة بهذه اللغة الشريفة لتُحيوها فتَحْيوا بها، وما ذلك إلّا بالتعمّق في فقهها والاصطباغ بآدابها وحِكَمها، وسبيل ذلك كلّه المطالعة المنظّمة.

لم تأت هذه الوصية عفوًا، ولكنني أرى من مجرى الأحوال والحوادث أنّ هذه اللغة لا تزال في ليل مظلم مما تلقّاه من حرب أعدائها وجفاء أبنائها، وأنّ ميدان العراك بينها وبين الحوادث لم يزل فسيحًا، فاستعدّوا للذود عن حياضها، والنضح عن حقيقتها، وستكون العاقبة لها إن استعددتم لهذا الدفاع الجديد.

إنّ في الجوّ غبرة، يثيرها الفجرة، ولا يطفئ وهجها إلّا الأبناء البررة، وإياكم أعني، وإنّ في الأرض أحابيل منصوبة، لذوي الحقوق المغصوبة، تُنسي جميع ما سبقها من الأحابيل، والجور الوبيل، فكونوا رجال اليوم والغد، وتسلّحوا بالأخلاق الإسلامية الحقيقية، لا هذه المظاهر التي غرّنا بها الغرور، وإنّ اعتماد هذا الدّين وهذه اللّغة في هذا الطور على هذا الجيل الذي تتوسطونه، وتتولّون زعامته، فانظروا ما أنتم فاعلون.

سلامي إلى جميع الإخوان.

آفلو، في ١ شعبان المبارك ١٣٥٩هـ، الموافق ٤ سبتمبر ١٩٤٠م.

والدك: الإبراهيمي


مجلة "الثقافة"، عدد ٨٧، الجزائر، مايو- يونيو ١٩٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>