للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل لمن أضاع فلسطين عيد؟ *

للناس عيد ولي همّان في العيد ... فلا يغرنّك تصويبي وتصعيدي

همّ التي لبثت في القيد راسفة ... قرنًا وعشرين في عسف وتعبيد

وهمّ أخت لها بالأمس قد فنيت ... حماتها بين تقتيل وتشريد

كان القياض لها في صفقة عقدت ... من ساسة الشر تعريبًا بتهويد

جرحان ما برحا في القلب جسهما ... مود وتركهما- لشقوتي- مود

ذكرت بيتًا له في المبتدا خبر ... في كل حفل من الماضين مشهود

إن دام هذا ولم تحدث له غير ... لم يبك ميت ولم يفرح بمولود

ويح إحياء القلوب وإيقاظ الإحساس ماذا يتجرّعون من جرع الأسى في هذه الأعياد التي يفرح فيها الخليون ويمرحون، أيتكلفون السرور والانبساط قضاء لحق العرف ومجاراة لمن حولهم من أهل وولدان وصحب غافلين وجيران، أم يستجيبون لشعورهم وينزلون على حكمه فلا تفتر لهم شفة عن ثغر ولا تتهلّل لهم سريرة ببشر ولا تشرق لهم صفحة بسرور.

ويح النفوس الحزينة من يوم الزينة، إنه يثير كوامنها ويحرّك سواكنها فلا ترى في سرور المسرورين إلا مضاعفة لمعاني الحزن فيها ولا ترى في فرح الفرحين إلا أنه شماتة بها.


* مجلة "الاخوة الإسلامية"، العدد الخامس عشر، بغداد، ١ شوال ١٣٧٢هـ الموافق لـ ١٢ جوان ١٩٥٣م، مع التقديم الآتي: ما زال سماحة الحبر الجزائري العلّامة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي يحلّ بين ظهرانينا، ولما وجد أن رمضان المبارك قد استعدّ للرحيل وأن هلال شوّال أخذ يقترب سريعًا، والعالم الإسلامي لا يزال كما عهده يستقبل عيدًا ويودّع آخر لا يلتفت إلى قلبه الجريح فلسطين الشهيدة وشرفه المثلوم ودينه المضيع، ولما أيقن سماحته أن العالم الإسلامي لا يزال في لهوه وغفلته اعتصره الألم فنفث ذلك القلب الذكي الكبير ما سطره اليراع في هذه الكلمة القيّمة الموجّهة إلى العالم الإسلامي في مناسبة عيد الفطر المبارك، وقد اختصّ بها "الأخوة الإسلامية" فجزاه الله أحسن ما يجزى عامل عالم مؤمن عن عمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>