للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرية الأديب وحمايتها *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها السادة، يا أدباء العربية، يا أبناء العروبة:

أحييكم تحية العروبة المؤمنة المجاهدة، فسلام عليكم ورحمته وبركاته، سلام عليكم في بلدكم وبلدنا وبلد كل عربي وكل مسلم: سلام عليكم في مصر حصن العربية، ومعقل الأدب، ومنتجع الأدباء والشعراء منذ أجيال وأجيال ...

وآمل أن يسفر هذا المؤتمر عن نتائج وحقائق وخطط نزكي بها عروبتنا ونعزّز بها وحدتنا، ونُنهض بها أدبنا، ونسمو بها إلى الأفق المرجوّ، ونقرب بها ثمار الغد المأمول ...

والأدب أيها السادة هو الوشيجة القوية والوثيقة الباقية التي لم تنقطع طوال القرون وعبر الأزمان ... فهذه هي الأيام تطوي الدول، وتقرب البعيد، أو تبعد القريب، وتقطع هذا السبب أو ذاك من علاقات الأفراد أو روابط الجماعات، ويبقى اللسان العربي والبيان العربي والشعر العربي رسلًا صادقين وروابط قوية بين أبناء العروبة كلهم ...

نعم، يبقى الأدب العربي رباطًا يجمع العرب مهما اختلفوا أو تفرّقوا في ميادين أخرى بطارئ من طوارئ الهم، أو لون من ألوان الاختلاف في الهمم ...

يبقى الأدب يصوّر الخواطر، ويأسو الجراح، ويؤلّف بين الألسنة والقلوب حتى تتصافح الأيدي، ويعود البناء كما كان، أبيًّا لا ينال، قوّيًا لا يلين.

ولربّ خاطرة لكاتب أو همسة لشاعر، أحيت رممًا، وبعثت دارسًا، وردّت ذاهبًا وفجّرت الينابيع في صم الصخور ...


* كلمة الشيخ في المؤتمر الثالث للأدباء العرب، ٩ - ١٠ ديسمبر ١٩٥٧، القاهرة. ونُشرت الكلمة في كتاب "مؤتمر أدباء العرب" (مطبعة مصر، ١٩٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>