للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل الدين عن الحكومة (٥)]

أو فصل، رمضان والأعياد عن

قاضي الجزائر ... *

ــ

... وما ظنُّ الناس؟ أيظنون أننا نقصد في ما كتبنا ونكتب من هذه الأسماء والألقاب أصحابها المعروفين؛ لا والله، فهم عندنا أقل من أن يجول لنا فيهم خاطر، أو يثور لنا فيهم اهتمام، وإنما نقصد من هذه الأسماء والألقاب- التي تجري على أقلامنا في هذه المواضيع- معاني خبيثة، وفكرًا شيطانية أصبحت هذه الأسماء دوال عليها، وأعلامًا لها، ومرتبطة بها ارتباط اللفظ بمدلوله الوضعي.

إن هذه الأسماء والألقاب التي فرضت علينا كلمة الحق تناولها بالنقد والتجريح، ليست أعلام أشخاص، ولا ألقاب أشخاص، وإنما هي أعلام أجناس لمعانٍ استعمارية، كما قالوا في فجار، إنه علم للفجرة، ... فإذا حاربنا اسمًا من هذه الأسماء فإنما نحارب الفكرة التي رضي صاحبه أن يمثّلها، والصوت الذي رضي أن يكون بوقًا له، لا الشخص الذي تحده الحدود، وتنمّيه الجدود، والفِكَر إنما تتمثل في المظاهر ذات القابلية. والناس يحملون من طبائع الأرض ألوانًا شتى، ففيهم القار المكين، وفيهم القابل للانخساف، والمتداعي للانهيار؛ وما ذنبنا إذا رضي أصحاب هذه الأسماء والألقاب أن يكونوا مظاهر للفكرة التي ينكرها الإسلام، ويمقتها المسلمون، وتحاربها منا الألسنة والأقلام؟ وما ذنبنا إذا رضي هؤلاء أن يتمثّلوا أفكارًا خبيثة لا رجالًا، ومبادئ لعينة لا أشخاصًا، وظلالًا من يحموم لا باردة ولا كريمة؟ ... لا ذنب لنا في ذلك وإنما الذنب لمن جعل نفسه عرضة لوطء الأقدام ووخز الأقلام.

نحن نريد- جادّين- فصل ديننا بجميع شعائره وعلائقه عن حكومة الجزائر اللائكية المسيحية فصلًا ناجزًا حاسمًا، لا تلكؤ فيه ولا هوادة؛ ونريد بتّ حباله من حبالها في المعنويات والماديات، ونعمل لذلك متساندين في الحق، مستندين على الحق، والحكومة


* نشرت في العدد ٨٩ من جريدة «البصائر»، ٨ أوت ١٩٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>