للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في وطنها، ولا تزال الأمةُ العربيةُ الجزائرية تنكره وتتحداه، فهل آن الأوان لإلغائه والتنفيس على الصحافة وإعطائها حقوقها الطبيعية، وهل آن للإنصاف أنْ يلامسَ هذه الأفكارَ الرجعيةَ؛

والنوادي ...

إن جمعية العلماء ترى أن النواديَ الإسلاميةَ التي تؤسسها، أو تشرف عليها، هي وسط جامع، بين المدرسة وبين الجامع، لأن هناك طائفة عظيمة من شباب الأمة لا تجدُ الجمعية وسيلةَ لتبليغه دعوة الدين والعلم إلا في تلك النوادي، وإن وضعية النوادي تعتمد على دخل ماليّ خاصّ من المشروبات المباحة التي تباع فيها، فكان من حلقات تلك السلسلة الموضوعة لتطويق التعليم العربي من جميع نواحيه، ذلك القرار الغريبُ الذي يمنعُ بيعَ المشروبات المباحة في النوادي، ونتيجته هي إفقار النوادي من روّادها، لعدم ما يجذبهم إليها، وما يحببهم فيها، وجمعية العلماء تعد ذلك القرارَ في غايته ملحقًا بالقرارات الموضوعة للتضييق على التعليم العربي.

... والمساجد وأوقافها

ابتلاع أوقاف المسلمين، والاستيلاءُ على مساجدهم، وإحالةُ بعضها كنائس ومتاحف ومستودعات، كل ذلك من أصول الاستعمار، وكل ذلك وقع في القطر الجزائري، واحتكارُ التصرف في المساجد والسيطرةُ على موظفيها أسلوبٌ من أساليب الإدارة الجزائرية، حافظتْ عليه في جميع عهودها لمعانٍ معلومة، ومقاصدَ مفهومة، وكلّ ما كتب في عهد الاحتلال من عهود، وكل ما بذل بعد ذلك من وعود، فهو شيء يكذّبه الواقع.

وفصل الدين عن الحكومة مبدأ جمهوري فرنسي، ولكنه من أكذب المبادئ بالنسبة إلى دين الإسلام في الجزائر، فما زالت الإدارة الجزائرية في جميع عهودها متمسكة بما أوْرثها الاستعمار من مساجدنا أكثرَ وأشدّ من تمسك المتديّن بدينه، لا تبالي بحقوق طبيعية، ولا بمبادئ جمهورية، ولا بمفارقات دينية، ولا بعواطفَ إنسانية، ولا سبب لهذا الإمعان في التسلط والاحتكار إلا استضعاف المسلمين واحتقارهم، وإلا فما بالُ هذه الحكومة لم تتسلطْ على معابد اليهود، ولا نقول عن معابد المسيحيين، لأننا لسنا ممن يعتقد (لائكية) الحكومة الجزائرية الاستعمارية.

جمعية العلماء المسلمين الجزائريين باسم الأمة الجزائرية تريد بكل توكيد فصلَ الدين الإسلامي عن الحكومة، تحقيقًا للمبدإ الجمهوري وتسوية بين الأديان الثلاثة المتجاورة في الوطن الذي لو تساوَى أهله في حرية الأديان، وفي حرية الحياة، لكان أسعدَ الأوطان بأهله، ولكان أهله أسعد الناس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>