للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفقت هذه الأمة الفقيرة على هذا المعهد بطريق التبرعات في أبنيته ومرافقه أكثر من مائة مليون فرنك، وهي تنفق في كل سنة على شيوخه والقائمين بتسييره نحو عشرة ملايين من الفرنكات.

والمعهد اليوم يحتوي على ألف تلميذ، يدرسون- على المناهج الحديثة- علوم الدين وعلوم اللسان العربي، ومنها الأدب وتاريخ الإسلام والجغرافيا والرياضيات، ويأخذون فيه أصول الدعوة وأصول الخطابة مع التمرّن عليها عمليًا. وفيه أقسام إضافية للفرنسية خاصة بحاملي شهادتها الابتدائية، لإرسالهم إلى أوربا للتخصّص في العلوم الصناعية، وستكون بعثات جمعية العلماء إلى الشرق كلها من تلامذة هذا المعهد.

يقوم بالتدريس في هذا المعهد خمسة عشر أستاذًا كلهم من حاملي الشهادات العليا من جامع الزيتونة، ومعهم طائفة من المعاونين والكتبة ولجان للمراقبة والمالية والألعاب الرياضية، وقد اشترت الجمعية منذ عامين دارًا لسكنى طلبة المعهد في أجمل موقع من المدينة تكفي لإسكان خمسمائة تلميذ مجتمعين، لكل تلميذ سرير للنوم ودولاب للأمتعة، مع المرافق التامة من المغتسلات ومطاهر الوضوء، ومجموع ما أنفق على هذه الدار وحدها ثلاثون مليون فرنك.

____

[مشروع جامعة عربية إسلامية في الجزائر]

____

في تونس جامع الزيتونة، ولا يصحّ أن يسمّى جامعة بالمعنى العصري إلا مع التسامح، ولو تناوله الإصلاح الناجز في مناهجه والقلب والتغيير في كتبه ونظامه، والتوجيه السديد للروح المسيطرة عليه، لأصبح جامعة المغرب العربي كله، وهو- مع ذلك- مهاجر الجزائر للعلم، وفي فاس جامع القرويين وهو دون جامع "الزيتونة" نظامًا واتّساعًا في الدراسات، وأبعد عن التجديد والإصلاح، لأن أصابع الاستعمار الفرنسي تدسست فيه أكثر من جامع الزيتونة، لذلك فكّرت جمعية العلماء منذ سنوات في تكوين جامعة عربية إسلامية بمدينة الجزائر تبنى الدراسات العالية فيها على الروح الإسلامية الشرقية الصافية وعلى غايات العلوم الحديثة النافعة، فتكون تكميلًا للجامعين وعونًا لهما في إحياء الثقافة الإسلامية وحفزًا لهما على الإصلاح، وقطعت الجمعية مراحل في التفكير والتخطيط وهي تأمل أن لا يبلغ التعليم الثانوي في مدارسها حدّه حتى تكون الجامعة قد فتحت أبوابها، ولكن المال دائمًا هو العقبة الكأداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>