للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعليم العربي والحكومة *

- ٣ -

قضية واحدة من بين عشرات القضايا، يتجلّى فيها كل ما صرّحنا به، ولمّحنا إليه، من معاملة الحكومة للتعليم العربي، وتصميمها على محوه، بالتضييق والمعاكسة، واتخاذها من هذه القوانين والقرارات سبلًا إلى ما تريد من ذلك؛ وهذه القضية تشهد بكثرة الإجراءات وتعقيدها، وتكشف عن مقاصد الحكومة منها، وتقيم لنا العذر فيما نبديه من تألّم، وما نجهر به من تنديد بالحكومة ومعاملاتها، وتشهير بقوانينها وقراراتها، وفيما نصارحها به من أننا لا نرضى بهذه القوانين لأنها مفروضة علينا فرضًا في أمر يتعلق بنا وحدنا، وهو ديننا ولغتنا، ولا نحترمها، لأنها باطل،، والباطل لا يحترم، ولا نقرّها، لأنها حرب على ديننا ولغتنا، ولا نحتملها ولو أدّتْ إلى إغلاق جميع المدارس دفعة واحدة. وأننا لا نرضى إلا بالحرية الصريحة، فإن لم تكن فالموتة المريحة. وإنما يقبل العقلاءُ المقبول، وإنما يعقلون المعقول، وإذا كان للقويّ مأربٌ في قتل الضعيف، فمن السماجة أن يسنّ لقتله قانونًا، بل من الشهامة أن يسن لذبحه سكينًا.

وقبلُ وبعدُ فإن هذه القضية التي نصفها اليوم، شهادة قاطعة على ظلم الاستعمار، ونموذج من تعنّته ومصادرته للحق، وبيانٌ واضح لطريقة من طرائقه في حرب الدين والعلم، ووسيلةٌ من وسائله في قتل معنويات الشعوب، وعنوان على مخازيه التي منها أن يعتبر الإسلام غريبًا وهو في داره، والعربية أجنبية وهي في منبتها.

...


* نُشرت في العدد ٦٧ من جريدة «البصائر»، ١٤ فيفري سنة ١٩٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>