للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسالة إلى الطلبة الجزائريين بالزيتونة*

بمناسبة ذكرى الإمام ابن باديس

ــ

أحيي بتحيات الله المباركة الطيبة أبنائي المهاجرين في سبيله، لا أخص بتحيتي من ينتسبون إلى وطن، أو تجمعهم جمعية، بل أعم من يظلهم دين ويربطهم لسان، ويجمعهم جامع، أولئك كلهم أبنائي؛ يستوون في حيي لهم، وعطفي عليهم، وآمالي فيهم، آحادهم وجموعهم.

وأحيي بأحسن منها إخواني العلماء من حضر منهم في هذا المشهد وَمَن غاب عنه- أولئك الذين طبعتهم يد الرحمن على أن يكونوا أَلْسِنَةَ العروبة وحرسة الإسلام بهذا الشمال الإفريقي- تحية تحرك النفحات سواكنها وتثير المناسبات كوامنها، في هذه المناسبة التي حقيقتها ومغزاها إعلان الفضل من أهله، ووصل لرحم علمية لو أتى عليها النسيان لأضحت مجفوة، وبر بإمام لو لم تعمر الأفئدة ذكراه والألسنة ذكره لأصبح حقه مكفورًا.

أيها العلماء الخِيَرة، أيها الأبناء البررة:

حيّكم الله وبيّاكم، وأبقاكم عوامل رفع لهذا الوطن وأحياكم، وأطال أعماركم للعربية تعلون صروحها وتنقشون في الأنفس لا في الأوراق شروحها، ولهذه الأمة تضمدون جروحها وتداوون قروحها، وللملة الحنفية تحمون حماها وترمون من رماها.

إن الإسلام والعروبة- يا إخواني ويا أبنائى- إذا ذكرا ذابت القيود، وتلاشت الحدود، واجتمعت الأقطار على رحبها في بيت. وأن أخوة الإسلام والعروبة لا تقوم على الأقوال وإن طالت وكثرت، وإنما تقوم على الأعمال والحقائق. ولو أوتينا رشدنا لأقمنا كلمتي المسلم


* بعث الإمام الإبراهيمي هذه الكلمة إلى الطلبة الجزائريين بالزيتونة (تونس)، مشاركة لهم في إحياء الذكرى السابعة لوفاة الإمام ابن باديس (أفريل ١٩٤٧م) ونشرت في جريدة "العبقرية"، ع٣، تلمسان- الجزائر، ١٣٦٦هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>