للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الاستمساك بشخصيتها وقدوة طيبة في الدفاع عن ذاتيتها.

إن أجملَ ما في هذه الزعامة أنها لم تكن قائمة على دعاية حزبية زائفة، ولكنها كانت ذاتية في الإمام، مظاهرها التدين الصادق، والعلم الغزير، والعمل الوفير، والإعراض عن السفاسف، والترفع عن التوافه، والإخلاص في العمل، وقد أشار الشاعر مفدي زكريا إلى بعض هذه الأعمال، فقال محييًا الإمام الإبراهيمي:

التحيات، باعث الرجة الكبـ ... رى، تهاوى حيالها الأصنام

والذي ألهب العزائم فانْفَـ ... ضَّت تَبَارى، يسوقها الإقدام

والذي فكَّ طلسم الشعب فارتـ ... دَّ بصيرًا، وانجاب عنه الظلام

والذي أنقذ العروبة لما ... نصبت للعروبة الألغام

وحمى (دولة الكتاب) وكانت ... في الحمى (دولة الكتاب) تضام (٢٣).

إذا كان حصر نشاط الإمام الإبراهيمي واستقصاء منجزاته على رأس جمعية العلماء في هذه الفترة (١٩٤٦ - ١٩٥٢) من الصعوبة بمكان، فلا أقل من الإشارة إلى أهم تلك المنجزات، وهي:

أولًا: في ميدان التربية والتعليم:

[١) تأسيس معهد الإمام عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة]

أهمَّ الإمام الإبراهيمي مصيرُ التلاميذ الذين أنهوا مرحلة التعليم الابتدائي بمدارس الجمعية، ففكر في تأسيس معهد يكون عنوان مرحلة جديدة في جهاد الشعب الجزائري الحضاري، يستكمل فيه أولئك التلاميذ دراستهم، ولكن إخوانه العلماء "كانوا متفقين على أن الزمن غير صالح للشروع في العمل نظرًا لحالة الأمة المالية، وتوالي الأزمات عليها" (٢٤).

ولكن الإمام- إيمانًا منه بربه، وثقة في الأمة التي رباها على البذل في الصالحات، وثقة بمكانته في قلوب أبنائها- صمَّم على إنجاز المشروع، ولم يخيب الله مسعاه، فاستجابت الأمة، ودفعت قليل موجودها في سبيل وجودها، فتم تأسيس معهد أطلق عليه اسم الإمام عبد الحميد بن باديس، فكان تكوينه "أعجوبة من أعاجيب الفجاءة" (٢٥).

وأوحى ربك إلى الإمام الإبراهيمي أن يسعى لربط المعهد الوليد بجامع الزيتونة العَهيد، وللإمام من وراء ذلك الربط هدفان:


٢٣) نفس المرجع، ص ٢٤٠ - ٢٤١.
٢٤) انظر مقال "معهد عبد الحميد بن باديس: ما له وما عليه" في هذا الجزء من الآثار.
٢٥) انظر مقال "المعهد والمدارس" في هذا الجزء من الآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>