للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٢ * -

ونعود إلى إخواننا في الجزائر فنشهد لهم جميعًا أنهم يحملون للفضيل من الإكبار والتقدير ما هو أهله وما ينتهي أحيانًا إلى المبالغة، ونشهد عليهم أنهم مقصّرون في شيء ينفعهم لو قاموا به ولا يضرّه تقصيرهم فيه، وأنهم حرموا لذلك من فوائد وثمرات أهمّها عدم اطّلاعهم على جهوده وأعماله التي يعدّ كل واحد منها موضع قدوة، والكمال وليد القدوة، وعدم الاتصال بالكاملين مع القدرة عليه نقص، والاكتفاء بالسماع عن النوابغ يفضي في الغالب إلى تصوّرات خاطئة في حقّهم تعلو إلى الغلو أو تسف إلى التفريط، وسير النوابغ كالنصوص يجب أن تؤخذ كما هي وإلا أفسدت القدوة.

والإخوان بالجزائر- في نظرتهم إلى الفضيل- قسمان خاصة وعامة، مع إجماعهم على إكباره وتقديره، فالخاصة يزنون قيمته بالميزان القسط، ويعرفون عن أحواله الخاصّة والعامة ما هو واقع أو قريب من الواقع، أما العامة فيتوهّمون فيه أشياء ينتزعونها من شهرته ومقامه بين الشرقيين وما يتطاير من أخباره ويجسّمها لهم الخيال فتنطوي نفوسهم عليها كأنها حقائق ثم يتناجون بها في المجالس على أنها حقائق.

...

وأنا ... فمن مقاصدي في هذه الرحلة أن أدرس- عن عيان- المهم من القضايا الإسلامية، وأدرس العاملين من رجال الإسلام لآخذ عنهم القدوة الحسنة لنفسي أولًا، ولقومي يوم تنشر مذكراتي عن هذه الرحلة ثانيًا، وأشهد الله أنني استفدت من هذه الدراسة كثيرًا وأكملت جوانب من نقصي، ولا أكذب على الحقيقة فقد كنت ناقصًا وما زلت ناقصًا


* «البصائر»، العدد ٢٨٩، السنة السابعة من السلسلة الثانية، ١٥ أكتوبر ١٩٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>