للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد العيد *

النهضة العربية في الجزائر بجميع فروعها، وفي مقدّمتها نهضة الأدب العربي، وليدة الخمس الثاني من هذا القرن الميلادي، وقد سبقتها إرهاصات وتباشير كلها لم تسبق ابتداء هذا القرن، وسبقها كذلك تقدّم مشهود في عربية القواعد، اضطلع به نفر استطاعوا بوسائلهم الخاصة أن ينفلتوا من الحواجز التي وضعها الاستعمار الفرنسي عن قصد في سبيل التعليم العربي، فنفرت طائفة قليلة منهم إلى مصر، ورجعت بزاد من القواعد العربية وسعت به مداها في ذلك القطر المرزوء في جميع مقوّماته ومنها اللسان العربي، ونفرت طائفة أخرى كثيرة العدد إلى جامع الزيتونة بتونس وأخذت العلوم العربية على أمثال الشيخ محمد بن يوسف والشيخ النخلي- رحمهما الله- والشيخ محمد الطاهر بن عاشور مدّ الله في حياته، وكانت دروس هذا الأخير هي الإشراقة الأولى في جامع الزيتونة للأدب العربي بمفهومه الصحيح في عصرنا هذا، وتجلّى ذلك في عكوفه على درس ديوان الحماسة بشرح المرزوقي، فقد كانت تلك الدروس منبّهة لطلاب الزيتونة الذين كانوا يفنون أعمارهم في تكرار قواعد النحو والصرف من دون أن يتبّوأ واحد منهم درجة مرموقة في الأدب. وقد عاصر الشيخ بن عاشور عالمًا أزهريًا ندين له بالفضل في إحياء الأدب العربي بالأزهر، وهو الشيخ المرصفي، بدرسه لكتاب الكامل للمبرد، والأزهر والزيتونة متقاربان في مناهج التعليم وأساليب الدراسة، والكتب المقرّرة فيهما تكاد تكون واحدة.

...


* تصدير لكتاب أبي القاسم سعد الله، "محمد العيد آل خليفة: رائد الشعر الجزائري في العصر الحديث"، دار المعارف، القاهرة، ١٩٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>