للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلح نظام لتسيير العالم الإنساني اليوم

هو الإسلام *

وقد يبدو هذا العنوان مدهشًا وغريبًا، ومثيرًا لتأثّرات مختلفة، في كثير من النفوس المختلفة، ولشيء من السخرية في النفوس الساخرة.

أما الدهشة فإنّ صاحبها معذور مهما كان، وأما الغرابة فكل وارد جديد على السمع أو على الذهن يُسْتَغْرَب، ولكنه إذا تكرّر وكثر ترداده أصبح مأنوسًا، وأما السخرية فلا تأتي هنا إلّا من رجلين: رجل انطوت نفسه على بغض للإسلام وحقد على بنيه، واحتقار لتعاليمه، ورجل لم يفهم الإسلام إلّا من حالة المسلمين اليوم، ولم يعلم أن بين حقائق الإسلام وبين حالة المسلمين اليوم بُعْدَ المشرقين، والذي في العنوان إنما هو الإسلام لا المسلمون.

العناوين لا ذنب لها لأنها دوالّ على ما وراءها، فاسمعوا ما وراء هذا العنوان، ثم ليندهش المندهشون إن لم يقتنعوا، وليسخر الساخرون إن شاءوا.

...

تولّى الإسلام في أوّل مراحله قيادة العالم الإنساني العامر للأقاليم المعتدلة، فضاده إلى السعادة والخير بأصلين من أصوله وهما القوة والرحمة، وبوسيلتين من وسائله في القيادة وهما العدل والإحسان، وبأحكامه المحققة لحكمة الله في عمارة هذا الكون.

والقوة والرحمة صفتان موجودتان في كل زمان، ولكنهما متنابذتان لم تجتمعا قط في ماض ولا حاضر، حتى جاء الإسلام فجمع بينهما وزاوج، وخلط بينهما ومازج، فجاء منهما ما يجيء من ائتِقاء السالب بالموجب في عالَم الكهرباء: حرارةٌ وضوءٌ وحركة. وما زال


* كلمة كتبت بباكستان، ماي ١٩٥٢، ولم نعثر على الصفحة السابعة من مجموع ثَمانِ صفحات.

<<  <  ج: ص:  >  >>