للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرن الرابع عشر للهجرة، وكأن الواصف لها يصف ما رأت عيناه لا ما تخيلته خواطره.

وأبلغ ما في تلك النذر المحمدية قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله: أو من قلة فيها يا رسول الله؟ ... لَا بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل لا منفعة فيه ولا غناء. نحن خمسمائة مليون فيما يعدّ العادّون، ولكننا مع هذه الوفرة الهائلة في العدد مستعبدون، قد نزع منّا البأس على أعدائنا ونزعت الرهبة منا.

أيها المستعمون الكرام:

قد وصلنا من الانحطاط إلى قرارته، ولم تبق في التدلي دركة أخرى نخشى أن ننحدر إليها، فلم يبق إلّا أن نقيم على هذه الحالة إلى ما شئنا وشاءته لنا المهانة والرضى بالدون. أو نرتفع إلى المنزلة التي أهّلنا الله لها بالإسلام.

إن البشائر تدل على أننا اخترنا الثانية، وان المخايل تنبئ بأن شواعر الخير تنبّهت فينا، وان الوظيفة القرآنية التي خالطت أردام سلفنا فرفعتهم من الحضيض إلى الأوج توشك أن تخالط منا نفوسًا خدرتها الأحداث ولم تصل بها إلى الموت، وان تلك النفحات التي هبّت على القلوب الغلف فحركتها، وعلى العيون العمي ففتحتها قد داعبت نفوسنا، فبدأنا نشعر ونحسّ، وأصبحنا نعي ونفكر، وان التفكير هو أول مراتب العمل، وما هذه الأصداء المترددة في الأقطار الإسلامية، وهذه الأصوات المتجاوبة من علماء الإسلام بلزوم التعارف فالاتحاد فالتعاون، إلا بشائر خير وتباشير صبح بعدها السَّنى والنور.

<<  <  ج: ص:  >  >>