للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف تشكّلت الهيئة العليا لإعانة فلسطين *

[- ١ -]

أن إغفال الحقائق يعدّ جناية عليها وعلى التاريخ فقط، ولا يهيّئ للمبطلين أن يعلنوا باطلهم، لرضينا أن تعصب بنا هذه الجناية ولم نكتب في هذه المسألة حرفًا ولكان بحسبنا أن نقتسم الخطتين بيننا، فنعمل ويقول غيرنا إلى أن ينجلي الصباح. ولكننا جرّبنا فكشفت لنا التجربة عن حقيقة واقعة، وهي أننا كلما أمسكنا عن تجلية الحقائق فرارًا من المهاترات وتجنّبًا للغو، وإيثارًا للنافع المفيد، لم يمسك القوّالون عن إعلان باطلهم، واتخذوا من سكوتنا حجة على أنهم محقون. لذلك وعدنا بأن نكتب عن حقيقة ما تضمّنه عنوان هذه الكلمة، ولذلك نفي اليوم بالوعد. وما سكتنا هذه المدّة إلا لمصلحة كانت محققة، ثم أصبحت راجحة، ثم أمست مفسدة.

وداع آخر حتّم علينا الكتابة، وهو إلحاح القرّاء علينا في طلب بيان الحقيقة.

...

كتبنا في "البصائر" تلك الكلمات المتتالية عن فلسطين، وبينّا فيها لإخواننا في الشرق العربي أن في بني عمّهم أقلامًا. وقد أحدثت تلك المقالات أثرها في الشّرق، وعرفوا لها قيمتها، وتناقلتها الجرائد والمجلات، وناهيك بمجلة "الرسالة"، فقد نقلت منها مقالة عن الانكليز، وكتب إلينا طائفة من أدباء الشرق ومفكّريه يثنون ويعجبون، كتب إلينا كاتب من النجف، وآخر من الموصل، وثالث من طرابلس الشام، ورابع من جبل عامل، وخمسة من فلسطين، وجماعة من مصر، وكاتبان من ليبيا، رسائل كلها إعجاب، وثناء مستطاب. وقال الأستاذ فائز الصائغ أستاذ الفلسفة بالجامعة الأمريكية ببيروت حين قرأ مقالة "يا فلسطين" في


* "البصائر"، العدد ٥٢، السنة الثانية من السلسلة الثانية، ١١ أكتوبر ١٩٤٨م.

<<  <  ج: ص:  >  >>