للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتحاد المغرب العربي الكبير *

مرّ الأستاذ الشيخ البشير الإبراهيمي في هذه الأيام الأخيرة ببغداد حيث اجتمع بالطلبة الجزائريين هناك، وقد اغتنم مراسلنا ببغداد هذه الفرصة فطلب من الشيخ البشير الإبراهيمي هذا الحديث الذي ننشره اليوم شاكرين ومؤملين أن يجد فيه قرّاؤنا الأفاضل دليلًا آخر لا على ضرورة الاتحاد فحسب بل على إمكانية تحقيق هذا الاتحاد بالفعل.

ــ

المغرب العربي وحدة لا تتجزّأ، جمعها الإسلام على تعاليمه الروحية السامية وجمعتها العروبة على بيانها وآدابها وجمعها الشرق على النور الذي بعثه مع كتائب الفتح الأول ومع اللغة التي وجّهها مع قوافل بني هلال.

المغرب العربي جمعته يد الله وربطته برباط واحد هو الإسلام والعروبة ومع الإسلام القوة ومع العروبة الإباء والشمم فلا تفرّقه يد الشيطان، وكل من سعى في التفرقة بين أبنائه - ولو من أبنائه- فهو شيطان لا يدفع باللعن والاستعاذة كما يدفع شيطان الجن وإنما يدفع بالطرد من الحظيرة فإن لم يندفع فبإعدامه من الوجود.

من العجز والإضاعة أن نردّ كل لومنا على الاستعمار ومن الخور والضعف أن نتراد الملامة وأن نتعلّل في كل واجب ندعى إلى إقامته وفي كل مكروه ندعى إلى دفعه، بالاستعمار وآثار الاستعمار وما الاستعمار إلا كالشيطان فيما أنبأنا الله من أخباره {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُئطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}. إن تعلّلنا بالاستعمار هو خدمة للاستعمار وتعظيم لشأن الاستعمار إلى هذا الحدّ الذي صيّرنا نذكره مئات المرّات في اليوم وهو نوع من التأليه له والتفخيم لشأنه والعدو لا يغلب بكثرة ذكره مقرونًا باللعن والتأفف وإنما يطرد بالتفكير في التخلص منه ثم طرده ولو لم تذكره مرّة في العمر.

الواجب كله مقصور على أبناء المغرب العربي فهم مطالبون به مطالبة لا يمنعها عنهم إلا القيام بهذا الواجب ففي أيديهم السلاح الذي يستطيعون به التخلص من الاستعمار لو أحسنوا استعماله ففي إمكانهم أن يتحدوا فلماذا لم يتّحدوا؟ وفي إمكانهم أن يصلحوا


* جريدة "صوت الجزائر"، عدد ٧، ١٣ فبراير ١٩٥٤، تحت عنوان "الشيخ البشير الإبراهيمي يتحدّث عن الاتحاد".

<<  <  ج: ص:  >  >>