للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأنظار القصيرة ويعارضون تشييد الحصون بتزويق المساجد، إذا وقع هذا فأبشروا باسترجاع فلسطين ومحو العار. وإلّا فإن فلسطين ضاعت ضياع الأبد بقدسها وأقصاها وصخرتها وكأنكم بأرض العرب كلها قد ضاعت وبهؤلاء القادة وقد أصبحوا عبيدًا لليهود وبهؤلاء الطاعمين الكاسين النائمين وقد أيقظتهم الأحداث على الدواهي الدهياء، وكأنكم بأصحابنا الصخريين قد أصبحوا لاجئين لا في عين السلطان بل في عين الشيطان.

...

من ذا الذي لا يعتقد أن إثارة فكرة وفد الصخرة في هذا الوقت بالذات هي معاكسة للمؤتمر وضرار له وتعطيل لسيره وإبطاء لنتائجه، ولو كانت طفيفة، ومجموعها الدفاع العملي عن فلسطين، ومن ذا الذي لا يعتقد أن هذا في صالح اليهود لا في صالح المسلمين؟ وأنه زيادة في يقينهم بأننا قوم نلهو ونلعب، ومن الذي لا يستخرج من اشتمال وفد الصخرة على العمائم الكبيرة، ان علماء الدين هم الذين تولّوا كبر هذه الزلة؟ ومهما تكن لحكومة الأردن من يد بالنيابة في تنشيطه وتمويله فإن ذلك لا يدفع الغضاضة عن علماء الدين والسخرية بهم من الناس أجمعين، وهل يعتقد أعضاء الوفد الصخري أن المسلمين بلغوا في البذل والتضحية أن يبذلوا لوفد المؤتمر ولوفد الصخرة؟ كلا، إن المسلمين لَيعجبون- ولهم الحق- بوفدين في وقت معًا، هذا يجمع لتحرير فلسطين وهذا يجمع لترميم مسجد في القدس، ويقولون: هل اتحد الوفدان وسيّرا لغرض واحد أو في الحساب أول وأخير؟ وفي الأشياء ضروري وكمالي، وفي المقاصد مهم وأهم، وفي القضايا جزئيات وكليات. أَفلم يكن في المؤتمرين وإخوانهم الصخريين من يفرّق بين قضيتين ويعطي لكل واحدة مكانها ومكانتها وظرفها واعتبارها؟ هذا ما يتصوّره المسلمون ما داموا على التكريب العقلي الانساني ثم يختمونه بحكم القرائن القريبة والبعيدة بأن وراء الأكمة شيئًا أو أشياء، ووراء هذه النفوس نوازع تختلج وأهواء تعتلج، ومتى تطرق الشك في البعض سرى إلى الكل، نعم وهذا منطق سليم. أليست هذه الأعمال التي تزيد النفوس المضطربة بالشكوك اضطرابًا، أليست هذه جريمة؟

أيها الإخوان الصخريون ...

إنكم ومن أعانكم على مشروع الصخرة بالمال أو نشطكم عليه بالرأي لم تزيدوا على أن أحييتم في الإسلام سنّة من سنن المصريين القدماء في قصة عروس النيل: كانوا يزيّنون فتاة للموت وأنتم تزيّنون مسجدًا للهدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>