للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل الدين عن الحكومة *

[طلائع ومقدمات]

ــ

١ - الواجب على أعضاء المجلس الجزائري المسلمين أن يطلبوا إدخال الدين المسيحي بكنائسه وأمواله ورجاله، تحت سلطة الحكومة دخولًا عمليًّا، بحيث تكون هي التي تتصرف في الأموال، وتولي من يكون جاريًا على هواها، وتعزل من يدعو إلى نزعة سياسية أو إلى حزب أو إلى انتخاب، وأن يطلبوا إدخال الدين اليهودي ببيعه وأحباره وأوقافه تحت سلطتها أيضًا، بحيث لا يجري شيء من التصرفات في ذلك الدين إلّا بأمرها وعلى ما يرضيها، فتسمي الموظفين الدينيين، وتقوم لهم بأجورهم، وتحاسبهم على الأنفاس، وتعزل كل من يستحق العزل، كل ذلك على ما يشهد "الدوسي" (١) المبارك.

يجب على النواب أن يطالبوا بهذا ويتشددوا فيه، لأنه هو الديموقراطية، وحكومة الجزائر ديمقراطية، ولأنه إنصاف وعدل، وحكومة الجزائر منصفة عادلة- تبارك الله أحسن الخالقين- ولأنه المظهر الواضح لقوة الحكومة وسلطتها، ولأنه زيادة في تلك القوّة وتلك السلطة.

فإذا أبى عليهم ذلك زملاؤهم من النواب الفرنسيين واليهود، وقالوا: إنهم لا يتدخلون في الأديان، أو أبت الحكومة، وقالت: إنها حكومة لائكية، فليقل النواب المسلمون في صراحة وحق: والإسلام؟ ... لماذا يبقى غريبًا شاذًا بعيدًا عن هذه اللائكية؟ إن الأديان في الوطن ثلاثة، فمن الواجب أن تعامل معاملة واحدة، وإن المسلمين ومعابدهم أكثر عددًا، فمن الإنصاف أن يكونوا هم القاعدة في المعاملة، والأصل في وضع الأحكام، وما دام دينهم "مستعمَرًا" فمن العدل أن يكون الدينان مستعمَرين أيضًا، فإذا لطفنا العبارة قلنا: ما دام الإسلام في قبضة الحكومة، فليكن الدينان الآخران في قبضتها أيضًا.


* نشرت في العدد ٥٧ من «البصائر»، السنة الثانية، ٢٢ نوفمبر سنة ١٩٤٨.
١) الدّوسي: كلمة فرنسية معناها الملف.

<<  <  ج: ص:  >  >>