للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، وأن تمتلئ من رهبته قلوب ذئاب البشرية رُعبًا، ولو أن للدعوة المحمدية عُشر ما للدعوة المسيحية من أسناد وأمداد، وهمم راعية، وألسنة داعية، لغمر المشرقين، وعمر القطبين، ولو أن دينًا لقي من الأذى والمقاومة عُشر ما لقي الإسلام لتلاشى واندثر، ولم تبق له عين ولا أثر، وإن من أكبر الدلائل وأصدق البراهين على حقية الإسلام بقاءه مع هذه الغارات الشعواء من الخارج ومع هذه العوامل المخربة من الداخل، وإن هذه لأنكى وأضر، فلكم أراد به أعداؤه كيدًا تارة بقوّة السيف، وتارة بقوة العلم، فوجدوه في الأولى صلب المكسر، ووجدوه في الثانية ناهض الحجة، وردوا بغيظهم لم ينالوا خيرًا، ولكنهم عادوا فضللوا أبناءه عنه، ولفتوهم عن مشرقه، وفتنوهم بزخارف الأقوال والأعمال ليصدوهم عن سبيله، وإن أخوف ما يخافه المشفقون على الإسلام جهل المسلمين لحقائقه وانصرافهم عن هدايته، فإن هذا هو الذي يطمع الأعداء فيهم وفيه، وما يطمع الجار الحاسد في الاستيلاء على كرائم جاره الميت إلّا الوارث السفيه.

...

إن الإسلام في الجزائر ثابت ثبوت الرواسي، متين القواعد والأواسي، قد جلا الإصلاح حقائقه فكان له منه كفيل مؤتمن، واستنارت بصائر المصلحين بنوره فكان له منهم حارس يقظ، وعاد كتابه (القرآن) إلى منزلته في الإمامة فكان له منه الحمى الذي لا يطرق، والسياج الذي لا يخرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>