للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلسفة جمعية العلماء*

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلاّ على الظالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين وإمام المتقين. وعلى آله وصحبه أجمعين.

{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}. آمنت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إمامًا، وبسيدنا محمد نبيًا ورسولًا.

أقسم ما كنت أدري لم فاضت نفسي بهذه الآية عندما أخذت القلم لأكتب هذا التصدير لنشرة جمعية العلماء؟ ولم جاشت بهذا الاعتراف الشامل لكليات الإيمان في هذا الوقت؟ ولكنني بعد أن كتبت الآية وسجلت الاعتراف وضعت القلم ورجعت إلى نفسي أسائلها فيما بيني وبينها: بأي شعور كانت مغمورة؟ أو أي انفعال كان يساورها حين أملت على القلم هذه الآية، وحين فاضت بهذا الإقرار الذي لا داعي إليه من مثلها في مثل هذا الوقت؟ فخفقت خفقة هي أشبه شيء بلفتة المذعور، كأنها تبحث عن هذا الشعور في الماضي المتصل بالحال، وتبين لي أنها كانت سابحة في جو من التفكير في حال المسلمين، واستعراض ماضيهم السعيد وحاضرهم الشقي، وتلمس الأسباب والعلل لهذا الانحطاط المريع، بعد ذلك الارتفاع السريع، وكأنها وقفت بعد ذلك الاستعراض موقف الحيران المدهوش تسأل: كيف يشقى المسلمون وعندهم القرآن الذي أسعد سلفهم؟ أم كيف يتفرقون ويضلون وعندهم الكتاب الذي جمع أولهم على التقوى؟ فلو أنهم اتبعوا القرآن وأقاموا القرآن لما سخر منهم الزمان وأنزلهم منزلة الضعة والهوان. ولكن الأولين آمنوا فأمنوا


* من كتاب سجلّ مؤتمر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المنعقد بنادي الترقّي بالعاصمة في سبتمبر سنة ١٩٣٥، المطبعة الإسلامية الجزائرية، قسنطينة، [ص:٥ - ٧٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>