للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميلاد الجمهورية العربية المتحدة *

سيادة الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة،

فخامة الرئيس شكري القوتلي، دمشق:

هذه هي الأيام التي كنا ننتظرها ونستبطئها، وهذا هو الأمل الذي قطعنا أعمارنا فيه؛ أماني بالنهار وأحلامًا بالليل، وهذا هو الحدث الذي كان يترقبه المصلحون والهداة إلى الحق والدعاة إلى الخير، وهذا هو الرجاء الذي بقي مترددًا في لهوات الزمن إلى أن وجد الهمم التي تفلّ الحديد فأصبح حقيقة واقعة، لا يتمارى فيها إلا دخيل العرق في نسب العروبة أو مدخول العقيدة في حقيقة الدين. إن إمام المصلحين محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بدأ بتوحيد العرب على اللسان والمبادئ الخالدة، فوحّد بين جذميهم العريقين قحطان وعدنان، فكان من آثار ذلك أن سعد العرب وأسعدوا، وملكوا الكون وفتحوا العالم بعدل الإسلام، وساسوه بسماحته وبنوا على نوره حضارة لا تطاول وَحَدَوْا بأغانيه ركب الإنسانية قرونًا، إن وحدة العرب هي الأصل والقاعدة وما سواها شذوذ وانحراف، فباسم الإسلام وباسم العروبة أهنيكم بنجاح مساعيكم الصادقة في الخطوة الأولى من توحيد العرب، وإنها لأصعب الخطوات، وبهذه الوحدة التي صفّق لها العرب فجاءت وعليها جلالة الإجماع أن وحدة مصر وسوريا هي كفّارة ماحية لما اقترفه العرب من مآثم التفرّق والاختلاف، وسيكون لحاق المتخلفين بها عملًا صالحًا كله. فيا بشرى للسابقين. ثبت الله على صراط الحق أقدامكم، وأمدكم بجنود من الصبر والتوفيق هي أجدى عليكم من جميع الجنود، وأعاذكم بكلماته من شياطين الإنس والجن.

محمد البشير الإبراهيمي


* أُرسلت هذه البرقية من القاهرة عند إعلان الجمهورية العربية المتحدة في فبراير ١٩٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>