للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأتي بعد ذلك تشكيلات الجمعيات المحلية، وهي بعدد المدارس، لكل مدرسة جمعية محلية من أهل البلد التي بها المدرسة، وتقوم هذه الجمعيات بالجانب المادي للمدرسة، فهي التي تجبي المال وتؤثث المدرسة وتدفع رواتب المعلّمين شهريًا ثم تقدم الحساب في آخر السنة الدراسية للمكتب الدائم.

[العضوية في الجمعية]

أعضاء الجمعية غير الإداريين ثلاثة أقسام: العاملون، وهم أهل العلم، والشرط الأساسي فيهم أن تكون لهم قيمة علمية تؤهّلهم للتسجيل في قوائم الانتخاب على وفق القانون الأساسي، وعدد هؤلاء بضعة آلاف؛ والمؤيدون، وهم الملتزمون بدفع اشتراك سنوي حدّده القانون الأساسي، ولا حق لهؤلاء في الانتخاب، وعدد هؤلاء يبلغ في بعض السنين مئات الآلاف، والأنصار وهم الأتباع العاملون بمبدإ الجمعية في الإصلاح الديني، المعتنقون لفكرتها ... المناصرون لها في الأزمات، وعدد هؤلاء يبلغ الملايين.

[جرائد الجمعية]

في طور الاستعداد والتمهيد كان لسان حال الفكرة الإصلاحية هو جريدة «المنتقد» وقد أسّست لهذا الغرض، على قاعدة أن الباطل إذا استحكم ورسخ فمن الحزم أن تصدمه صدمة عنيفة تضعضع أركانه، لذلك كانت شديدة اللهجة قاسية الأسلوب صريحة التجريح، فضاق بها الاستعمار وأعوانه فعطّلوها، وخلفتها مجلة «الشهاب» الشهرية داعية إلى الحق في الدين والدنيا، صادقة الحملة على الضلال في الدين والسياسة، متحدية للاستعمار وهو في عنفوان طغيانه، وكانت حليتها الفاخرة إعلانها لآراء الإمام عبد الحميد بن باديس في الدين والسياسة أو في فصول من تفسيره للقرآن بقلمه البليغ، و «الشهاب» مجلة ولدت راقية، ويقل نظيرها في المجلات العربية في حرارة الدعوة وجرأة الرأي، وقد حماها الله من التعطيل، بما كانت تحمله من دعوة الحق، فهي أطول صحف الجمعية عمرًا، وعاشت ماهدة للدعوة سنوات، ولما تشكّلت الجمعية كانت لسانها المبين، إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية فعطّلناها اختيارًا، ثم لم تعد إلى الصدور.

ولما اتسعت الحركة عزّزتها الجمعية بجريدة أسبوعية اسمها «السنة» فعطلتها حكومة الجزائر، لأنها- إذ ذاك- لم تتعوّد سماع تلك اللهجات الحارّة، فأصدرت الجمعية في الأسبوع نفسه جريدة «الشريعة» وكانت أشدّ على الاستعمار من سابقتها فعطّلتها الحكومة بعد أسابيع من صدورها، فأصدرت الجمعية في الحين جريدة «الصراط» أحدّ لسانًا وأقوى بيانًا من أخواتها، فعاجلتها الحكومة بالتعطيل، وكان تعطيلها بقرار وزاري من باريس، وفي هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>