للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونعود إلى لجنة الأهلة *

حملنا على هذه اللجنة حملة صادقة، وحملناها ما حملت من أوزار المفطرين على شهادتها الباطلة، ولم نكن في شيء من ذلك متحاملين ولا مبالغين، فكل ما قلناه فيها من يوم نشأت ونقوله فيها ما دامت، فهو حق، وقد نقصر أحيانًا فيما يجب لها من إنكار لوجودها واستنكار لأعمالها، وتسفيه لآرائها، وتحذير للأمّة من دخائلها ومظاهرها.

عددنا تكوين الحكومة لهذه اللجنة تدخلًا جديدًا في ديننا، ونعد قبول أعضاء هذه اللجنة لهذه الوظيفة المبتدعة تحديًا لإرادة الأمّة، وتثبيتًا للتدخل الحكومي في وقت تحاول فيه الأمّة قطع دابر هذا التدخل، وان تدخل الحكومة في ديننا لا يكون إلا إفسادًا له، حكم الدين بهذا، وأيّده العقل وأيّدتهما الوقائع المفضوحة التي لا يعمى عنها إلا عُمي "البصائر".

فكل ما نظهره من الإنكار الشديد، والاستنكار الشنيع فهو مصروف إلى هذا المعنى، وهو معدود عند الله في أعمالنا الصالحة، وحسناتنا المتقبلة إن شاء الله، وهو معدود عند المؤمنين الصادقين في دفاعنا عن الدين، ووقوفنا للغاشين فيه بالمرصاد.

وما زالت الحوادث في كل سنة تؤيّد رأينا في هذه اللجنة، وأنها أُنشئت لغشّ المسلمين في دينهم وإفساد صومهم وإفطارهم، وإبعادهم عن الأسباب التي تجمعهم بإخوانهم في الأقطار الأخرى.

وغفلة الأمّة عن هؤلاء الغشاشين هي التي أطمعتهم فيها، وأوهمتهم أن الأمر لهم من دون المؤمنين، فتجاوزوا حدود الإخبار إلى الحكم، فأصبحت اللجنة (تحكم) بالصوم أو


* "البصائر"، العدد ١٦١، السنة الرابعة من السلسلة الثانية، ٢٥ جوان ١٩٥١م.

<<  <  ج: ص:  >  >>