للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل الدين عن الحكومة (٧)]

ونعود إلى فصل الحكومة عن الدين *

ــ

- ٢ -

ومن المعروف عند أهل الأديان، وأصحاب القوانين، أن رجال الدين إنما يستمدون سلطانهم ويرجعون في تصرفاتهم إلى سلطة دينية تكون هي مرجعهم الوحيد، كما أن رجال الجندية والحكم والأمن يستمدون سلطتهم من مراجع تناسب وظائفهم وتتصل بها، لأن لكل سلطة مرجعًا من جنسها، يكون أصلًا لها، وتكون هي مكملة له، وإن هذا هو الواقع في الديانتين: المسيحية التي مرجعها الفاتيكان، ولو كانت في أرض غير فرنسية، والموسوية التي مرجعها إلى مجالس الأحبار في أية أرض كانت.

أما الواقع في الجزائر- بالنسبة للإسلام وحده- فإن رجال الدين والجمعيات الدينية، كلها تشكيلات حكومية بحتة، ولا تستمد سلطتها إلا من الحكومة، ولا تستند في أعمالها إلا على الحكومة، ولا صلة لها بالشعب المسلم الذي هو صاحب الحق الأصلي، وإنها لَحالةٌ من الباطل والمنكر يمقتها العقل، وتبرأ منها العدالة، ويمجها المنطق وينكرها الدستور الفرنسي الأصيل ...

...

سلكتْ هذه الحكومة الاستعمارية- منذ كانت- إلى محو الإسلام من الجزائر مسالك شتى، فلما أيقنت أن ذلك لا يتم لها من طريق الشعوذة والترغيب عمدت إلى تشويهه بهذه الأساليب التي ما زالت محتفظة بها، دائبة عليها إلى الآن، وغايتها من هذه الأساليب ثلاثة أمور: تكوين إسلام جزائري مقطوع الصلة بماضي الإسلام الحقيقي، وتكوين مسلمين مقطوعي الأسباب من جميع المسلمين، وتكوين طائفة تقوم لها بذلك ممن تسميهم رجال


* نشرت في العدد ١٠٣ من جريدة «البصائر»، ٣٠ جانفي ١٩٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>