وان أشرف ما قام به المكتب- السعي في قبول بعثات من أبناء الجزائر باسم جمعية العلماء في المعاهد العلمية الكبرى، على نفقة الحكومة المصرية، وبعض الحكومات الشرقية، وقد سافر جماعة من أبنائنا لهذا الغرض، مزودين بشهادات منا، وستتكامل البعثة المكونة من عشرين تلميذا فتوزع على الأزهر والجامعة المصرية والمعاهد الأخرى، وإن هذا المكتب لم يزل في المرحلة الأولى، وهي مرحلة التكوين، وسيأتي من الأعمال الجليلة ما يقر أعينكم.
[ذخر من النصائح للمجلس الجديد]
أيها الإخوة الكرام، أيها الأبناء البررة، هذه أمهات الأعمال التي قام بها المجلس الإداري لجمعيتكم، فأدى الأماتة، وبلغ بالسفينة إلى ساحل النجاة في بحر من الأحداث متلاطم الأمواج، وسبل من السياسة كثيرة الالتواء والاعوجاج، وهو اليوم يلقي الحمل فخورًا بأعماله التي إن لم يصب في بعضها النجاح فقد حفظ فيها الشرف، وإن لم يكتب له فيها النصر فلم تكتب عليه الهزيمة، وان في التجاريب لعلمًا ليس في الكتب، وان في مراس الحوادث لقتلًا لها، وكشفا لدخائلها واطلاعًا على حقائقها، وحقيق عليَّ أن لا أختم كلامي حتى أتقدم بنصائح وإرشادات للمجلس الجديد، ولمن يأتي بعده، وأن عسى أن يجد فيها النور والهداية، ويستفيد منها ما يستفيده الأواخر من تجاريب الأوائل.
أوصيه بتقوى الله فهي ملاك كل شيء، وأوصيه بالاعتماد عليه فهو ناصر المستضعفين، وأوصيه بالصبر فهو السلاح الذي يفل الأسلحة، وليقرنه بالحق فقد قرن الله بينهما- أوصيه بالصبر على جفاء الإخوان، وتجهم الزمان، وتنكر الأقوياء، ووقع الأحداث، وعلى تلكؤ الأمة في الاستجابة، وتصاممها عن صوت الحق، وليعذرها قبل أن تعتذر إليه، فإنها حديثة عهد بالإفاقة من نوم طويل ثقيل.
وأوصيه بالروية والرأي والاناة في الحكم على الأشياء، فإن الارتجال مجلبة ندم. وأوصيه بالمحافظة على هذه الجمعية فإنها أمانة الله والأمة عندنا فيجب أن تسلمها يد