للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نغمة شاذة *

كتب الأستاذ "أبو محمد" مقالاته المطولة في المحنة التي نستحي أن نسميها محنة. المغرب الأقصى وملكه وشعبه، لأنها محنتنا جميعًا، ولأنها امتحان لرجولتنا جميعًا، وغمز لكرامتنا وإبائنا جميعًا، فمهما كتبنا فيها وأطلنا، ومهما شرحنا من أسبابها وغاياتها وفصلنا، ومهما انتصرنا فيها لإخواننا المظلومين ودافعنا عنهم- نعد أنفسنا مقصرين عن غاية الانتصار والدفاع، وان منطقنا الصحيح في هذه القضية أن كل مسلم لم يتحرك له لسان ولا قلم فيها- متهم في إسلامه، وأن كل عربي لم يمتعض لها- ضنين في نسبه، وأن كل وطني لم ينتصر لإخوانه الوطنيين المقصودين بالشر فيها- كاذب في دعواه، وبسبب التأثر بهذه القاعدة مس أبو محمد- في ما مس- حزب الشورى والاستقلال، وواخذه بمواقف نظر إليها بغير العين التي ينظر بها الحزب، ولأبي محمد رأيه وفكره وقلمه ومقامه في السياسة، ولكن كثيرًا من إخواننا رجال الحزب تألموا لذلك فتظلموا، وكتبوا إلينا يستعدوننا على أبي محمد، ويستنكرون شدته على الحزب ويعدونه قد كتب من غير تثبت. وكتب إلينا جماعة أخرى من رجال الحزب ينكرون على الأستاذ الوزاني تصريحاته في الندوة الصحافية خاصة، وكل هذه الرسائل- وان اختلفت في أسلوب الاحتجاج- مهذبة مؤدبة اللهجة، مجمعة على إجلال "البصائر"، والتنويه بشرف مواقفها وقوتها في الدفاع، ومن بين تلك الرسائل رسالة من زعيم الحزب الأستاذ محمد بن الحسن الوزاني، خاطب فيها أبا محمد مخاطبة السياسي الأديب للسياسي الأديب، وظهر فيها مظهر الكيس المرتاض على آداب السلوك.

و"البصائر" ترحب بهذه الرسائل، ولا يضيق صدرها بهذا الاحتجاج، ما دام دفاعًا خالصًا من إخوان لنا نحبهم جميعًا ولا نفرق بين أحد منهم، ولكنها لا ترضى أبدًا- عن


* "البصائر"، العدد ١٤٩، السنة الرابعة من السلسلة الثانية، ٢ أفريل ١٩٥١. (بدون إمضاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>