للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسالة واحدة ناشزة عن أخواتها، نابية كل النبو عن الأدب، كتبها أحد المحتجين، وأطال فعثر، وهو رجل من فاس، يدعى: التهامي ... واتهم فيها أبا محمد في صراحة، بأنه يبيع قلمه ... واتهمت "البصائر" بأنها اشتريت وما كفاه ذلك الافك حثى صرح بالمشتري.

كبرت كلمة ينطق بها هذا المغفل، ويجري بها قلمه. "البصائر" التي جاهدت في ميدانين، فصارعت دجاجلة الدين حتى صرعتهم، وقارعت فراعنة السياسة، وقاومت وحدها قوى الشر مجتمعة- تبيع شرف الجهاد بثمن، وتدافع عن المجاهدين بأجرة.

إن "البصائر" في دفاعها هذا إنما تدافع عن نفسها وعن دينها وعن قومها، وهل يتهم المدافع عن نفسه وعن دينه وقومه، بمثل هذه التهمة الآفكة؟

ولو كانت "البصائر" تتنزل للمطاعم الخبيثة، لباعت الجانب السلبي فقط- وهو السكوت- بالثمن الغالي، وصاحبنا التهامي المغفل ... يعرف الأيدي التي تملك ذلك الثمن، فهل سكتت؟

قولوا لهذا المغفل: ان "البصائر" وقفت موقف الدفاع عن إخوان أنت منهم ولكنك أبيت أن تكون منهم، فاخرج وحدك صاغرًا، وإنها لا تريد منك ولا منهم جزاء ولا شكورًا، لأنها قامت بواجب شكره وأجره عند الله، وبيعه ليس مما أحل الله ... دافعت عن ملك مظلوم، وشعب مغبون، وحزب مقصود بالشر والبلاء، ووطن مهدد بالضياع والابتلاع، وفي هذا كله دفاع عنك لو كنت تعقل، ولو كان الحزب الذي "تدعي" الانتماء إليه مقصودًا بالانتقام، مصرحًا باسمه في هذا الميدان- لوجدتنا سراعًا إلى نصرته، خفافًا إلى نجدته، ولرأيت "البصائر" تقذف بالحمم لا بالكلم، في الدفاع عنه.

لا عفا الله عنك يا تهامي ... لكأن فيك- والله- شعبة من سميك (١) - ... ولو كنت عاشر عشرة ممن يحمل هذا الإسم، وينطق بهذا الإثم- لاطردت القاعدة، وتواتر القياس، وهجر هذا الإسم، كما هجر "عبد العزى" في الإسلام، وانتقل الناس بأبنائهم من تهامة إلى نجران ...

إننا لا نعلم منزلتك في النباهة، ودرجتك في الحزب، فإن كنت تستحق هذا العتاب فهو تأديب لك، وإن كنت لا تستحقه لخمول قدرك، وخسوف بدرك، فأرجعه إلينا مشكورًا، واردده علينا معذورًا.


١) شعبة من سميّك: المقصود بسميه هو التهامي الجلاوي الذي وضعته فرنسا على عرش المغرب عندما نفت الملك محمد الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>