للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هديه وآدابه، وإن جمعية العلماء لا تحتكر هذا الحق لنفسها، وإنما تزن الأمور بالواء المشهود، وهو أنها هي الهيأة الدينية الوحيدة التي قامت بشرائط الإسلام، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعاهدت الله على الدفاع عن عقائد الإسلام بالبرهان، وعن حقائق الإسلام بالعلم، وعن شعائر الإسلام بالعمل، ووقفت المواقف الثابتة في ذلك كله. لياذا كانت الجمعية قد لقيت في تاريخها خلافًا مع بعض الأشخاص أو الهيآت الإسلامية فما ذلك بخلاف في الدين، وما ذلك بخلاف بين دينين، وإنما هو خلاف بين العلم والجهل، وإنما هو خلاف داخلي لو لم يلق تشجيعًا من خصوم الجمعية لرجع المخالفون مسلمين لأن الرجوع إلى الحق فريضة إسلامية، ولأن الحق في الإسلام واحد لا يتعدد.

مقاصد الجمعية ترجع إلى ثلاث نقط هي:

١ - المساجد وموظفوها وأوقافها

٢ - التعليم العربي ومدارسه ومعلموه

٣ - القضاء الإسلامي وتعليمه ورجاله.

[المساجد وأوقافها]

تمهيد: كانت الحكومة الفرنسية لأول عهدها باحتلال الجزائر وضعت يدها على مساجد المسلمين وأوقافهم، ووضعت سلطتها على أئِمة المساجد وموظفيها باسم نظام جائر زينته للناس بعهود كتابية ووعود شفاهية صدرت من بعض رجالها العسكريين والمدنيين، مضمونها أنها تحترم الإسلام ومعابده وشعائره وقد حكم التاريخ على تلك العهود والوعود، وبَيَّنَ قيمتها للناس أجمعين.

فهذا هو الدور الأول

ثم جاءت الجمهورية الثالثة فكانت قواعدها الكلمات الثلاث:

الحرية، الأخوة، المساواة

وكان من أصولها فصل الدين عن الحكم ليكون ذلك محققًا للكلمات الثلاث، وكان من مقتضى ذلك الفصل أن يكون عامًا لجميع الأديان، وفي جميع الأقطار التي تخضع للسلطة الفرنسية، وإن يكون قاضيًا على النظام الخاص بالإسلام في الجزائر، ولكن شيئًا من ذلك لم يقع، وبقي الإسلام ومعابده في الجزائر لا تحظى باحترام كما شرطته العهود والوعود، ولا تحظى بانفصال عن الحكومة كما قررته أصول الجمهورية.

<<  <  ج: ص:  >  >>